للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما جاء الجويني ذكر أن الاستواء بمعنى الاستيلاء فقال: " لم يمتنع منا حمل الاستواء على القهر والغلبة، وذلك شائع في اللغة، إذ العرب تقول: استوى فلان على الممالك إذا احتوى على مقاليد الملك، واستعلى على الرقاب، وفائدة تخصيص العرش بالذكر أنه أعظم المخلوقات في ظن البرية، فنص تعالى عليه تنبيهاً بذكره على ما دونه، فإنه قيل: الاستواء بمعنى الغلبة ينبئ عن سبق مطامحة ومحاولة؟ قلنا: هذا باطل، إذ لو أنبأ الاستواء عن ذلك لأنبأ عنه القهر، ثم الاستواء بمعنى الاستقرار بالذات ينبئ عن اضطراب واعوجاج سابق، والتزام ذلك كفر " (١) ، ثم ذكر أنه لا يبعد تفسير الاستواء بالقصد، ثم ذكر التفويض ورده (٢) . أما في الشامل فذكر عدة أقوال فيه: منها التفويض مع القطع بنفي الجهات والمحاذيات، بحيث يكون الاستواء من الأسرار التي لا يطلع علها الخلائق، والله تعالى مستأثر بعلمها (٣) ، ثم قال: "ذهب بعضهم إلى أن المراد بالاستواء: الاقتدار والقهر والغلبة، وذلك سائغ في اللغة، شائع فيها، إذ القائل يقول: استوى المالك على الإقليم، إذا احتوى على مقاليد الملك فيه، ومنه قول القائل:

قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف أو دم مهراق (٤)

وقول آخر:

ولما علونا واستوينا عليهم ... تركناهم صرعى لنسر وكاسر (٥) " (٦)


(١) الإرشاد (ص: ٤٠-٤١) .
(٢) انظر: المصدر السابق (ص: ٤١) .
(٣) انظر: الشامل (ص: ٥٥٠) .
(٤) هذا البيت منسوب إلى الأخطل النصراني، وقد سبق تخريجه، وفي الشامل " ولا دم ".
(٥) لم أقف على قائله.
(٦) الشامل (ص:٥٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>