للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق الأصوات والحروف، وكونها حادثة قائمة (١) ، فنحن نقول به، ولا نزاع بيننا وبينهم في ذلك، وما نقوله من كلام النفس فهم ينكرون ثبوته " (٢) .

فالجويني في نصه السابق يخفف من حدة المعركة بين الأشعرية والمعتزلة في مسألة خلق القرآن، ويصرح بأن المذهب الأشعري لا يعارض قول المعتزلة، ومن ثم فالخلاف معهم في أنهم لا يثبتون الكلام النفسي.

٢- دفاعه عن المعتزلة فيما نقل من مذاهبهم، فمثلاً في مسألة التحسين والتقبيح العقلي الذي قال به المعتزلة يقول الجويني: " واضطرب النقلة عنهم في قولهم يقبح الشيء لعينه أو يحسن، فنقل عنهم أن القبح والحسن في المعقولات من صفات أنفسها ونقل عنهم أن القبح صفة النفس، وأن الحسن ليس كذلك، ونقل ضد هذا عن الجبائي، وكل ذلك جهل بمذهبهم، فمعنى قولهم يقبح ويحسن الشيء لعينه أنه يدرك ذلك عقلاً من غير إخبار مخبر " (٣) ، ثم رد على المعتزلة في قولهم هذا وهذا يدل على إطلاعه على كتبهم، ومعرفته بأقوالهم.

٣- وفي مسألة المخاطب إذا خص بالخطاب ووجه الأمر إليه وهو في حالة اتصال الخطاب به هل يعلم أنه مأمور، رجح الأشاعرة أنه يعلم، وقالت المعتزلة: إنه لا يعلم إلا بعد مضي زمان الإمكان الذي يسعه فعل المأمور به، وقد رجح الجويني مذهب المعتزلة وقال: " المختار ما عزى إلى المعتزلة في ذلك " (٤) .

٤- وللجويني صلة خاصة بكتب أبي هاشم الجبائي (٥) ، الذي يرد في


(١) قال في شرح الموافق (٨/٩٥) ، قائمة، بغير ذاته تعالى.
(٢) المواقف (ص: ٢٩٣-٢٩٤) ، ومع شرحه وحواشيه (٨/٩٢-٩٥) .
(٣) البرهان (١/٨٨-٨٩) .
(٤) البرهان (١/٢٨٢) ، وانظر ما قبلها (ص: ٢٨٠-٢٨١) .
(٥) هو عبد السلام بن أبي علي بن عبد الوهاب - تقدمت ترجمة أبيه عند الحديث عن الأشعري - ولد أبو هاشم سنة ٢٧٧هـ، وتوفي سنة ٣٢١ هـ، وإليه تنسب فرقة البهشمية - إحدى فرق المعتزلة - انظر في ترجمته وآرائه: تاريخ بغداد (١١/٥٥) ، والمنتظم (٦/٢٦١) ، والأنساب (٣/١٧٦) ، ووفيات الأعيان (٣/١٨٣) ، " وفي هذين المصدرين أنه ولد سنة ٢٤٧هـ وهو خطأ"، وسير أعلام النبلاء (١٥/٦٣) ، والملل والنحل (١/٧٨) والفرق بين الفرق (ص: ١٨٤) ، والتبصير بالدين (ص: ٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>