للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتبه كثيراً، وأقرب مثال على ذلك قول الجويني بالأحوال، وتأكيده على ذلك بعد أن ذكر تردد الباقلاني في القول بها، ومما يلاحظ أن الباقلاني لما قال بالأحوال لم يوافق أبا هاشم الجبائي في أن الحال لا معدومة ولا موجودة، ولا معلومة ولا مجهولة -كما سبق بيان قوله - لكن الجويني وافق الجبائي في عدم اتصاف الحال بالوجود والعدم (١) ، ولإن قطع بأنها معلومة مقدورة مرادة (٢) ، مع تفسير معين لهذه المعاني (٣) .

ومن الأدلة على صلة الجويني بأبي هاشم دفاعه عنه فيما نسب إليه في مسألة تعريف العلم، وأن علم المقلد هل يعتبر علماً أم لا، يقول: " نقول: عقد المقلد إذا لم يكن له مستند عقلي فهو على القطع من جنس الجهل، وبيان ذلك بالمثال: إن من سبق إلى عقده أن زيداً في الدار، ولم يكن فيها، ثم استمر العقد، فدخلها زيد، فحال المعتقد لا يختلف وإن اختلف المعتقد، وعن ذلك نقل النقلة عن عبد السلام بن الجبائي - وهو أبو هاشم - أنه كان يقول: العلم بالشيء والجهل به مثلان، وأطال المحققون ألسنتهم فيه، وهذا عندي غلط عظيم في النقل، فالذي نصن عليه الرجل في كتاب الأبواب: إن العقد الصحيح مماثل للجهل، وعني بالعقد اعتقاد المقلد " (٤) .

وفي مسألة الصلاة في الدار المعصوبة ذكر قول أبي هاشم الجبائي: أنها لا تصح، وبعد كلام ذكر معارضة المعترضين لكلامه ثم قال: " وأبو هاشم لا يسلم ذلك ولا أمثاله، وليس هو (٥) ، ممن تزعه التهاويل " (٦) ، ويذكر في إحدى المسائل أنه طلع على مصنفاته (٧) .


(١) انظر: الشامل (ص: ٦٣٩-٣٤١) .
(٢) انظر: المصدر السابق (ص: ٦٤٢) .
(٣) انظر: تفصيل أقواله في الأحوال في الشامل (ص: ٦٢٩-٦٤٥) ، والإرشاد (ص: ٨٠) .
(٤) البرهان (١/١٢١) .
(٥) في المطبوعة من البرهان لو، ولعله خطأ مطبعي.
(٦) البرهان (١/٢٨٦) ، وفي الحاشية في نسخة ش، ع، ت ترمعه، وتزعه بمعنى: تكفه.
(٧) المصدر السابق (١/٣٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>