للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممتاز للتراث اليوناني - أبي بكر الباقلاني - وهو شخصية ضخمة لم تبحث بع، ولم يصل إلينا إنتاجها الأصولي إلا خلال كتب المتأخرين أيضاً".

"

ولكن ما لبث علم الأصول أن اتجه وجهة أخرى على يد إمام الحرمين (٤٧٨هـ) ، وقد كان المظنون أن إمام الحرمين سار على منهج المدرسة الكلامية الأصولية الأولى، إلا أنه تسنى لي بحث مخطوطة نادرة لكتاب البرهان فتبين لي أنه وإن كان إمام الحرمين خالف المنطق الأرسططاليسي في نقاط كثيرة إلا أنه تأثر به إلى حد ما، بل قد تجد عنده أول محاولة لمزج منطق أرسطو بأصول الفقه، فكما أنه خالف متكلمي أهل السنة في القول بالواسطة أولاً، ثم وافق أبا هاشم الجبائي في أقوال له كثيرة ... تراه يخالفهم أيضاً في محاولته مزج المنطق الأرسططاليس في الأصول، ويمهد الطريق بذلك لتلميذه أبي حامد الغزالي (١) ، (٢) وقد أدخل الجويني مسائل كلامية كثيرة في أصول الفقه ومنه صيغ الأمر (٣) ، والكلام النفسي (٤) ، وعلم الله (٥) ، وتكليف ما لا يطاق (٦) ، والاستطاعة (٧) ، والمعجزة (٨) ، والتحسين والتقبيح (٩) وغيرها.

و حيرة الجويني ورجوعه:

لما كان الجويني ممن خاض في مسائل علم الكلام أكثر ممن سبقه، وما تميزت به شخصيته من استقلال واعتداد، بحيث لا يرى غضاضة في مخالفة


(١) للغزالي كتابه المشهور: المستصفي، وله المنخول من تعليقات الأصول نص في آخر على أنه اقتصر " على ما ذكره إمام الحرمين رحمه الله في تعاليقه من غير تبديل وتزييد في المعنى وتعليل " المنخول (ص: ٥٠٤) .
(٢) مناهج البحث (ص: ٧٣) - ط الرابعة -.
(٣) البرهان (١/٢١٢) .
(٤) نفسه (١/١٩٩) .
(٥) نفسه (١/١٤٥) .
(٦) نفسه (١/١٠٢) .
(٧) نفسه (١/٢٧٦) .
(٨) نفسه (١/١٤٨) .
(٩) نفسه (١/٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>