للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عالماً في أزله تفاصيل ما يقع فيما لا يزال " (١) ، وهذا نص في إثبات علم الله بالجزئيات، ولذلك دافع السبكي - بحق - في طبقاته عن الجويني وأطال الكلام حول هذه المسألة وأتى بالنقول من كتب الجويني الأخرى كالشامل والإرشاد، كما نبه إلى النص الذي نقلناه آنفاً من البرهان وهي نقول تدل على إثباته لعلم الله بالجزئيات " (٢) .

٣- ومن معالم تأثره بالكتب الفلسفية ما هو واضح في منهجه من التحديد الدقيق للمصطلحات في كتبه، فهو قبل أن يبدأ في الكلام في أي باب يبدأ بتعريف المصطلحات والتعريفات (٣) ، وتأخذ هذه المقدمات - أحياناً - قسطاً كبيراً من كتبه، وهذا المنهج الذي سلكه الجويني ظهر جلياً في كتب متأخري الأشعرية، حيث يصل الأمر أن تبلغ المقدمات أكثر من ثلثي الكتاب قبل أن يدخل المؤلف في المقصود من الكتاب وهو البحث في الإلهيات، ومن الأمثلة على ذلك كتاب شرح المقاصد، والمواقف وشروحه.

هـ - الفقه وأصوله عند الجويني وعلاقة ذلك بمذهبه الكلامي:

يعتبر الجويني من أئمة الشافعية، وقد سبقت الإشارة إلى أنه كتب كتاباً يفضل فيه مذهب الشافعي ويرى أنه الأحق بالاتباع، وهو ما صرح به أيضاً في البرهان (٤) .

ومن الأمور الملفتة والبارزة في منهجه إدخاله مسائل المنطق والكلام في أصول الفقه، ولما كان كتابه من الكتب الأصولية المتقدمة فقد تأثر بمنهجه هذا من جاء بعده من الأشاعرة وغيرهم مثل الغزالي والرازي والآمدي وغيرهم.

يقول النشار في عرضه لمسألة إدخال المنطق الأرسطي في أصول الفقه: " أما الأشاعرة فقد احترزوا بأصولهم عن منطق أرسطوا، ونجد هذا واضحاً لدى عدو


(١) البرهان (٢/١٣٠) .
(٢) انظر: طبقات السبكي (٥/١٩٢-٢٠٧) .
(٣) انظر: مثلاً لمع الأدلة (ص: ٧٦) من أول الكتاب، وما بعدها، والإرشاد (ص: ٥) وما بعدها.
(٤) (٢/١١٤٨-١١٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>