للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب) اعتمادهم على الأحاديث الصحيحة، ونبذ الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقد تمثل هذا عندهم بالإنكار على من اعترض على الأحاديث الصحيحة الثابتة، وتمثل أيضا بذكرهم للأسانيد فيما يروونه، ومعلوم أنه إذا أسند الراوي فلابد من النظر في إسناده والحكم على الحديث صحة وضعفا بعد جمع طرقه ورواياته، ومن الملاحظ على كتب السنة- التي اختصت بالعقيدة- ورود بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة فيها، ولا شك أن الناظر فيها- في العصور المتأخرة- يحس أنه كان من المفروض تمييز صحيحها من غيره، أو يراد ما صح منها فقط، أما إدخال هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة فيها فله سلبيات لعل من أهمها التشهير بأهل السنة من جانب أهل التعطيل ووصفهم لهم بالحشو والتشبيه، والتندر بهم بذكر نماذج من هذه الأحاديث. ولكن لو رجعنا إلى هذا الزمن الذي دونت فيه لوجدنا ما يبرر فعلهم هذا، فالعناية بالحديث كانت شديدة، ومعرفة الضعفاء والوضاعين كانت مشهرة، ثم إن هذه الروايات التي أوردوها- ويعلمون أحيانا أنها ضعيفة- قد تكون وردت عند أحد أعلام المحدثين بطريق أو بطرق أخرى صحيحه، فليس هناك ما يضمن مع كثرة المحدثين والرواة في مختلف أمصار المسلمين أن هذه الأحاديث لم ترد إليهم بطرق أخرى.

ج-) حجية خبر الآحاد في العقيدة إذا صح، وهذا من المعالم الرئيسة لمنهج السلف، والقول بأن أخبار الآحاد لا تفيد العلم ومن ثم فلا يحتج بها في العقيدة بدعة كبرى تلقفها أو أحدثها المعتزلة، ولكن من المؤسف أن كثيرا من العلماء ممن ينتسبون إلى السنة- وخاصة في كتبهم في أصول الفقهـ ظنوا أنها لا تفيد العلم وإنما تفيد الظن، وانتشرت هذه المقالة بنسبة القول بها إلى الجمهور، ومما يلاحظ أن كثيرا ممن ألف في أصول الفقه هم، إما من المعتزلة أو الأشاعرة أو الماتريدية، فأدخل هؤلاء هذه المسألة وصاروا يذكرون فيها أن أخبار الآحاد لا تفيد إلا الظن فيحتج بها في الأمور العملية من الأحكام لا العلمية، ويقصدون بها أمور العقائد بينما لو تتبعنا نصوص السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم لوجدنا الإجماع منهم- تقريبا- على عدم التفريق في أخبار الآحاد بين الأحكام والعقائد،

<<  <  ج: ص:  >  >>