للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضرير (١) كان يحدث " هارون الرشيد " فحدثه بحديث أبي هريرة- رضي الله عنهـ: " احتج آدم وموسى " (٢) ، فقال عيسى بن جعفر: " كيف هذا، وبين آدم وموسى ما بينهما؟، قال: فوثب به هارون وقال: يحدثك عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتعارضه بكيف!، قال: فما زال يقول حتى سكت عنه" (٣) ، وفي رواية أنه حبسه، ولم يطلقه حتى حلف الأيمان المغلظة أنه ما سمعه من أحد وما جرى بينه وبينه كلام (٤) ، أي لم يتلق هذه الشبهة عن أحد، يقول الصابوني معلقا على هذا: " هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا الطريق الذي سلكه هارون الرشيد-رحمه الله- مع من اعترض على الخبر الصحيح الذى سمعه، - بكيف،- على طريق الإنكار والاستبعاد له، ولم يتلقه بالقبول كما يجب أن يتلقى جميع ما يرد من الرسول - صلى الله عليه وسلم - " (٥) .

ولما سئل ابن المبارك- حين روى حديث النزول- كيف ينزل؟ أجاب: " ينزل كيف يشاء " (٦) ، وفي رواية أنه قال: " إذا جاءك الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخضع له " (٧) .


(١) هو: محمد بن خازم أبو معاوية الضرير- روى له الجماعة. تهذيب التهذيب (٩/١٣٧) ، وتاريخ بغداد (٥/٢٤٢) .
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب القدر، ورقمه (٦٦١٤) ، الفتح (١١/٥٠٥) ، مسلم في القدر، ورقمه (٢٦٥٢) .
(٣) رواه الصابوني: عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص: ١٦ ا-١١٧) ط: بدر البدر، وانظر الفقرة التالية.
(٤) رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ (٢/ ١٨١-١٨٢) ، والخطيب في تاريخ بغداد (٥/٢٤٣) ، [ومختصرا فى (١٤/٧-٨] ، وانظر سير أعلام النبلاء (٩/٢٨٨) ] ، وقد أوردوا القصة بطولها وهي قصة عجيبة تدلءلى مدى حرص الرشيد على السنة وحرب أهل البدع.
(٥) عقيدة السلف للصابوني (ص: ١١٧) وهو آخر الرسالة.
(٦) رواه الصابوني في عقيدة السلف (ص: ٢٩) ، البيهقي في الأسماء والصفات (ص: ٤٥٣) عن الصابوني.
(٧) الصابوني في عقيدة السلف (ص: ١٧٢) تحقيق: الأخ ناصر الجديع- مطبوع على الآلة الكاتبة وهو في طبعة بدر البدر (ص: ٢٩) ، لكن عبارته " فاصغ له".

<<  <  ج: ص:  >  >>