للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما من شر إلا وحذرها منه، ومن المعلوم أن أهم الأمور بالنسبة للعباد ما يتعلق بالعقيدة من الأمور الإلهية والمعارف الدينية، والعلم في هذه " مأخذه عن الرسول، فالرسول أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم علي بيانها وتعريفها، فهو فوق كل أحد في: العلم، والقدرة، والإرادة، وهذه الثلاثة بها يتم المقصود. ومن سوى الرسول: إما أن يكون في علمه بها نقص أو فساد، وإما أن لا يكون له إرادة فيما علمه من ذلك فلم يبينه، إما لرغبة وإما لرهبة، وإما لغرض آخر. وإما أن يكون بيانه ناقصا، ليس بيانه البيان عما عرفه الجنان ".

" وبيان الرسول على وجهين: تارة: يبين الأدلة العقلية الدالة عليها.

والقرآن مملوء من الأدلة العقلية والبراهين اليقينية على المعارف الالهية والمطالب الدينية. وتارة: يخبر بها خبرا مجردا، لما قد أقامه من الآيات البينات، والدلائل اليقينيات على أنه رسول الله المبلغ عن الله، وأنه لا يقول عليه إلا الحق، وأن الله شهد له بذلك، وأعلم عباده وأخبرهم أنه صادق مصدوق فيما بلغه عنه، والأدلة التي بها نعلم أنه رسول الله كثيرة متنوعة، وهي أدلة عقلية تعلم صحتها بالعقل، وهي أيضا شرعية سمعية " (١) .

ب) أن الرسول بلغ جميع ما أنزل إليه من ربه، لم يكتم شيئا من ذلك، وأنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ ذلك أتم بلاغ وأبينه حتى ترك أمته على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.

وقد تمثلت هذه الأمور- السابقة- في موقف السلف من السنة وتعطمهم لها، وإنزالها منزلتها اللائقة بها، وذلك بكونها وحيا من الله تعالى وبكونه - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى. وبدا هذا واضحا من خلال:

أ) الخضوع لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا صح - وتعظيمه وعدم الاعتراض عليه بأي نوع من أنواع الاعتراض، ومن ذلك ما روي أن أبا معاوية


(١) رسالة الفرقان دين الحق والباطل- مجموع الفتاوى (١٣/١٣٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>