للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من التصديق، ولم يفرق بين أن يكون ذلك بإيمان وعقد تقليدي أو بيقين برهاني " (١) ، وفي الأربعين يقول بعد ذكره عشرة أصول على وفق مذهب الأشاعرة: " ووراء هذه العقيدة الظاهرة رتبتان: إحدهما: معرفة أدلة هذه العقيدة الظاهرة من غير خوض على أسرارها، والثانية: معرفة أسرارها، ولباب معانيها، وحقيقة ظواهرها والرتبتان جميعاً ليستا واجبتين على جميع العوام، أعني أن نجاتهم في الآخرى غير موقوفة عليهما، ولا فوزهم موقوف عليهما " (٢) ، وكتاب الأربعين من كتب الغزالي المتأخرة التي جمعت بين إيضاح المذهب الأشعري مع آرائه الأخيرة في مسائل التصوف والكشف والذوق.

٢- تأكيده لإنكار السببية، وهي مسألة مشهورة في المذهب الأشعري، وقد قال بها الأشاعرة وأكدوها لأمرين:

الأول: إثبات المعجزات، التي هي في الحقيقة خوارق للعادات المعهودة، فحتى تربط هذه المعجزات بالله وقدرته بحيث يقلب العصا حيّة، ويشق القمر وغيرها من الأمور الخارقة لابد من ربط هذا بإنكار التلازم الذي يدعيه الفلاسفة وغيرهم بين السبب والمسبب (٣) .

والثاني: إثبات قدرة الله الشاملة، وإبطال التولد الذي قال به المعتزلة، فالفاعل والخالق لكل شيء هو الله تعالى وهذا بناء على مذهبهم في القدر الذي يميل إلى الجبر (٤) .

وقد شرح الغزالي هذه النظرية في معرض رده على الفلاسفة، وأطال


(١) الاقتصاد في الاعتقاد (ص: ٨) .
(٢) الأربعين في أصول الدين (ص: ٢٠) .
(٣) انظر: تجديد في المذاهب الفلسفية والكلامية (ص: ١٠٤) ، وكلامه مبني على كلام الغزالي في التهافت (ص: ٢٣٦) .
(٤) انظر: تهافت الفلاسفة (ص: ٢٣٨-٢٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>