للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنافي الوحدانية المحضة والكمال البالغ لسر لا يحتمل هذا الكتاب كشفه، وإن نسبة هذا المطاع نسبة الشمس في الأنوار ... " (١) ، وهذا المطاع هو العقل الأول عند الفلاسفة (٢) .

٣- وفي معارج القدس - وهو من كتبه الفلسفية الخاصة - ينهج فيه نهج الفلاسفة في بحوثهم عن النفس الإنسانية، ويذكر خصائص النبوة، وأنها ثلاث: قوة التخيل وقوة العقل، وقوة النفس (٣) - وهذا نفسه هو كلام الفلاسفة الذين يقولون: إن النبوة مكتسبة -، ويفسر الغزالي آية النور {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ} (النور:٣٥) ، بقوله: " فالمشكاة مثل العقل الهيولاني، فكما أن المشكاة مستعدة لأن يوضع فيها النور فكذلك النفس بالفطرة مستعدة لأن يفيض عليها نور العقل ... ثم إذا حصلت له المعقولات فهو نور على نور، نور العقل المستفاد على نور العقل الفطري، ثم هذه الأنوار مستفادة من سبب هذه الأنوار بالنسبة إليه كالسرج بالنسبة إلى نار عظيمة طبقت الأرض، فتلك النار هي العقل الفعال المفيض لأنوار المعقولات على الأنفس البشرية " (٤) ، وهذا لا يحتاج إلى تعليق، ومنها يتضح ما يقصده الغزالي بالأسرار، والتي يقول فيها في كتابه المعارف العقلية: " وهذا القدر الذي كتبنا وذكرنا في هذه الأوراق نخبة أسرار غير مكتوبة، وإشارات مكنونة ورموز مستورة.. ولا يحل أن يوضع الورد بين الحمير، ويطرح الدر في فم الخنزير" (٥) ، وقد صرح في كتابه هذا بأمور غريبة وعجيبة حقاً (٦) .

٤- ويقول الغزالي في كتابه - جواهر القرآن - " وهذه العلوم الأربعة أعني علم الذات والصفات والأفعال وعلم المعاد أودعنا من أوائله ومجامعه القدر


(١) مشكاة الأنوار (ص: ٩١) ، وانظر: رسائل الغزالي (ص:٥٤-٥٥) .
(٢) انظر: دراسات في الفكر الفلسفي، الألوسي (ص: ٢٤٨) .
(٣) انظر: معارج القدس في مدارج معرفة النفس (ص: ١٥١) ، -ط مكتبة الجندي -.
(٤) معارج القدس في مدارج معرفة النفس (ص: ١٦٤-١٦٥) .
(٥) المعارف العقلية (ص: ١٠٨-١٠٩) ،- ت عبد الكريم العثمان -.
(٦) انظر: المصدر السابق (ص: ٢٧-٣٤، ٦٦، ٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>