للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أنعم الله عليه بشيء منها إلا مع أهله، وهو المشارك فيه، علي سبيل المذاكرة، وبطريق الإسرار وهذا هو العلم الخفي ... " (١) ، إن هذا الكلام الخطير يقوله الغزالي في أهم وأشهر كتاب من كتبه، وقد ألفه في أواخر عمره بعد عزلته ورجوعه إلى بغداد، ومما يلاحظ أن لفتات كثيرة تشبه هذا الكلام جاءت متفرقة في هذا الكتاب الكبير (٢) .

٢- ويقول في كتابه مشكاة الأنوار وهو من كتبه التي ألفها للمخاصة ولذلك يقول في مقدمته: " أما بعد فقد سألتني أيها الأخ الكريم.. أن أثبت إليك أسرار الأنوار الإلهية، مقرونة بتأويل ما يشير إليه ظواهر الآيات المتلوة والأخبار المروية ثم يقول: " ولقد ارتقيت بسؤالك مرتقى صعباً تنخفض دون أعاليه أعين الناظرين، وقرعت باباً مغلقاً لا يفتح إلا للعلماء الراسخين، ثم ليس كل سر يكشف ويفشى، ولا كل حقيقة تعرض وتجلى، بل صدور الأحرار قبور الأسرار، ولقد قال بعض العارفين: إفشاء سر الربوبية كفر ... " (٣) ، وبعد أن يذكر تأويلات باطنية وفلسفية عجيبة يقسم الناس - في آخر الكتاب - إلى أصناف، ومنهم المحجوبون بمحض الأنوار، وهؤلاء أيضاً أصناف وبعد أن يذكر الصنف الأول والثاني يقول: " والصنف الثالث ترقوا عن هؤلاء وقالوا: إن تحريك الأجسام بطريق المباشرة ينبغي أن يكون خدمة لرب العالمين، وعبادة له وطاعة من عبد من عباده يسمى: ملكاً، نسبته إلى الأنوار الإلهية المحضة نسبة القمر في الأنوار المحسوسة، فزعموا أن الرب هو المطاع من جهة هذا المحرك، ويكون الرب تعالى محركاً للكل بطريق الأمر، لا بطريق المباشرة، ثم في تقسيم ذلك الأمر وماهيته غموض يقصر عنه أكثر الأفهام ولا يحتمله هذا الكتاب ثم يقول: " فهؤلاء الأصناف كلهم محجوبون بالأنوار المحضة، وإنما الواصلون صنف رابع تجلى لهم أن هذا " المطاع " موصوف بصفة


(١) إحياء علوم الدين (١/٢٠-٢١) .
(٢) انظر على سبيل المثال: (١/١٠٠،١٠٤، ٤/٢٤١) .
(٣) مشكاة الأنوار (ص:٣٩) ، - ت أبو العلا عفيفي-.

<<  <  ج: ص:  >  >>