للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " (١) ، فمن سار على نهج الصحابة سلم من هذه الصفة الذميمة. ومع كل ذلك فمن أتى بعد الصحابة فلن يكون مثلهم في الفهم والعلم.

ج-) لم يكن بين الصحابة خلات في العقيدة، فهم متفقون في أمور العقائد التى تلقوها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بكل وضوح وبيان، وهذا بخلاف مسائل الأحكام الفرعية القابلة للاجتهاد والاختلاف، يقول ابن القيم-رحمه الله-: " إن أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام، ولا يخرجون بذلك عن الايمان، وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين، وأكمل الأمة إيمانا. ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة، كلمة واحدة، من أولهم إلى آخرهم، لم يسوموها تأويلا، ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلا، ولم يبدوا لشىء منها إبطالا، ولا ضربوا لها أمثالا، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها، ولم يقل أحد منهم: يجب صرفها عن حقائقها، وحملها على مجازها، بل تلقوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم، وجعلوا الأمر فيها كلها أمرا واحدا، وأجروها على سنن واحدة " (٢) .

والأمور اليسيرة التى اختلفوا فيها- كرؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه، وغيرها لا تؤثر في هذه القاعدة العامة، لأن الخلاف فيها كان لأسباب وقد يكون لبعض الصحابة من العلم ما ليس عند الآخر، لكنهم- رضى الله عنهم- إذا جاءهم الدليل خضعوا له بلا تردد.

د) كان الصحابة يسألون عما يشكل عليهم، وهذا أمر مشهور عنهم - رضى الله عنهم - فأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - رُوي عنها أنها


(١) رواه مسلم، كتاب الايمان- باب كون النهي عن المنكر من الإيمان، ورقمه (٨٠) .
(٢) إعلام الموقعين (١/ ٥١-٥٢) ت: الوكيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>