للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد استرقوه في بعض العقائد فخرج إلى قريب من شنيع أهوائهم، ولهذا يحذر الشيوخ من النظر في كثير من تآليفه " (١) ، وقال أيضاً في شرحه لعقيدته الأخرى "أم البراهين": " وليحذر المبتدي جهده أن يأخذ أصول دينه من الكتب التي حشيت بكلام الفلاسفة وأولع مؤلفوها بنقل هوسهم وما هو كفر صراح من عقائدهم التي ستروا نجاستها بما ينبههم على كثير من اصطلاحاتهم وعباراتهم التي أكثرها أسماء بلا مسميات، وذك ككتب الإمام الفخر في علم الكلام، وطوالع البيضاوي ومن حذا حذوهما في ذلك، وقل أن يفلح من أولع بصحبة الفلاسفة " (٢) ،

وأشعرية الرازي لا يتطرق إليها أي شك، وهو وإن خالفهم أحياناً أو ردّ على بعض أعلام الأشاعرة إلا أنه وضع بعض التآليف التي أصبحت فيما بعد عمدة يعتمد عليها الأشاعرة، وذلك مثل كتابه المحصل، والمعالم، والأربعين، والخمسين، وأساس التقديس، وهذا الأخير يعتبر من أقوى كتبه الأشعرية وأهمها ولذلك أفرد له شيخ الإسلام ابن تيمية كتاباً من أهم كتبه وأكبرها - وهو وإن كان لم يصل إلينا كاملاً - إلا أن الذين ذكروه تحدثوا عنه بما يفيد أنه أكبر من درء تعارض العقل والنقل، وما وجد من هذا الكتاب - مطبوعاً ومخطوطاً - يدل على أن شيخ الإسلام تتبع أقوال الرازي كلمة كلمة وعبارة عبارة ونقضها وبين ما فيها من مخالفة لمذهب السلف، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مقدمة رده على الرازي مكانته ومنزلته بين أتباعه فقال: " فلهذا ذكرت ما ذكره أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي، المعروف بابن خطيب الري، الإمام المطلق في اصطلاح المقتدين به من أهل الفلسفة والكلام، المقدم عندهم يجعلونه في زمنه ثاني الصديق في هذا المقام لما رده في ظنهم من أقاويل الفلاسفة بالحجج العظام، والمعتزلة ونحوهم، ويقولون: إن أبا حامد ونحوه لم يصل إلى تحقيق ما بلغه هذا الإمام، فضلاً عن أبي المعالى ونحوه ممن عندهم فيما يعظمونه من


(١) شرح السنوسية الكبرى (ص:٤١) .
(٢) شرح أم البراهين، مع حاشية الدسوقي عليها (ص: ٧٠-٧١) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>