للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو أنه وجد مثل هذه الطريقة المتناقضة في الاحتجاج استخدمها أحد مخالفيه - خاصة المثبتة-؟.

ج- رجوعه:

لم يكن الرازي بعيداً عن مذهب السلف، فهو يشير إليه أحياناً لكن ضمن مناقشاته الكلامية والفلسفية، والملاحظ أن عرضه له كثيراً ما يأتي مشوهاً (١) ، فلما كان آخر حياته صرح بترجيحه لمذهب السلف وذلك في كتابيه المتأخرين المطالب العالية وأقسام اللذات، ثم في وصيته قبل وفاته:

١- ففي المطالب العالية لما ذكر أدلة وجود الله رجح طريقة القرآن ثم قال: " ونختم هذه الفصول بخاتمة عظيمة النفع، وهي أن الدلائل التي ذكرها الحكماء والمتكلمون وإن كانت كاملة قوية، إلا أن هذه الطريقة المذكورة في القرآن عندي أنها أقرب إلى الحق والصواب، وذلك أن تلك الدلائل دقيقة ولسبب ما فيها من الدقة انفتحت أبواب الشبهات، وكثرت السؤالات، وأما الطريق الوارد في القرآن فحاصله راجع إلى طريق واحد، وهو المنع من التعمق، والاحتراز عن فتح باب القيل والقال، وحمل الفهم والعقل على الاستكثار من دلائل العالم الأعلى والأسفل، ومن ترك التعصب وجرب مثل تجربتي علم أن الحق ما ذكرته" (٢) .

٢- وفي أقسام اللذات - آخر كتبه - قال: " وأما اللذة العقلية فلا سبيل إلى الوصول إليها والتعلق بها، فلهذا السبب نقول ياليتنا بقينا على العدم الأول وليتنا ما شهدنا هذا العالم، وليت النفس لم تتعلق بهذا البدن، وفي هذا المعنى قلت:

نهاية إقدام العقول عقال ... وغاية سعي العالمين ضلال.. (٣)


(١) تفسير الرازي (١/١٨٣) .
(٢) المطالب العالية - عن الزركان - (ص: ١٩٨) .
(٣) هذا البيت - مع أبيات بعده ٠ مشهورة ذكرها أغلب مترجمي الرازي.

<<  <  ج: ص:  >  >>