للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ذلك، وإلا وقع التكليف بالمحال، والطريق لنا إلى ذلك ليس إلا أفعال الله تعالى، وأفعال الله تعالى لا تدل على هذا العدد من الصفات، بدليل أنا لو قدرنا ذاتاً موصوفة بهذا القدر من الصفات، فإنه يصح منه الإليهة، فثبت أن ما وراء هذه الصفات لم يوجد عليه دلالة أصلاً فوجب نفيها " - ثم قال معقباً-: " وقد عرفت ما يمكن أن يقال على هذه الطريقة وما فيها" (١) .

ومن أبرز الأمثلة على تناقض الرازي أنه في جميع كتبه قرر أن الأدلة النقلية لا تفيد القطع واليقين فلا يحتج بها في العقائد (٢) ، ومن هذه الكتب نهاية العقول حيث فصل الكلام وأطال فيه (٣) ، فلما وصل في هذا الكتاب إلى مسألة صفة السمع والبصر ضعف دليل الأشاعرة العقللي في إثباتهما، ثم رجح أن الأولى الاستدلال لها بنصوص السمع، لكنه أورد هذا الاعتراض: " لئن سلمنا إمكان جملها على حقائقها، لكنكم قلتم في أول الكتاب: إن التمسك في المسائل القطعية لظواهر الآيات غير جائز" ثم أجاب بقوله: " نحن ما ذكرنا ذلك السؤال هناك لاعتقادنا أنه لا يمكن الجواب عنه، بل الجواب عنه إجماع الأمة على جواز التمسك بنصوص الكتاب والسنة في المسائل القطعية، وفي هذا الموضوع كلام طويل " (٤) ، يقول الزركان معقباً على كلام الرازي هذا: " على أن قوله الأخير لن يغني فتيلاً، بل هو مجرد مخلص لا أقل ولا أكثر، وذلك بدليل أني لم أرَ له في كافة كتبه إلا القول بأن النصوص ظنية الدلالة، وأنها لا تتقدم على العقليات، والدليل على أنه مخلص أيضاً أنه قال: " وفي هذا الموضع كلام طويل" مع انه لم يبين شيئاً من هذا الكلام الطويل ولو مختصراً، رغم أن الموقف يحتاج إلى البت في هذه المسألة" (٥) ، وأقول ماذا سيكون تعليق الرازي


(١) نهاية العقول (١٦٦- ب) .
(٢) انظر: أساس التقديس (ص: ١٧٢-١٨٢) ، والمحصل (ص: ٥١) ، ونهاية الإيجاز في دراية الإعجاز (ص: ٣٨١) ، ومعالم أصول الدين (ص: ٢٥-٤٨) ، والمحصول في أصول الفقه (ج- ١ف١ ص ٥٧٢-٥٧٤) .
(٣) انظر: نهاية العقول (١٤- أ-١٥-أ) .
(٤) المصدر السابق (١٦٠-أ-ب) وانظر: المحصل _ص: ١٧١-١٧٢) .
(٥) فخر الدين الرازي للزركان (ص: ٣٢١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>