للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يرى الملائكة والشياطين والبلاد النائية، بل ينظر إلى ما تحت الثرى، ومنهم من يرى السموات وأفلاكها وكواكبها وشمسها وقمرها على ما هي عليه، ومنهم من يرى اللوح المحفوظ ويقرأ ما فيه، وكذلك يسمع أحدهم صرير الأقلام وأصوات الملائكة والجان، ويفهم أحدهم منطق الطير، فسبحان من أعزهم وأدناهم" (١) ، وهذا تصوف غالٍ، وقد أباح في فتاويه السمع وذكر أنواعه، ومنع من الرقص المصاحب له (٢) .

والملاحظ في منهج العز -رحمه الله- أنه مع قسوته على مخالفيه في مسألة كلام الله إلا أنه ذكر في بعض كتبه وفتاويه وجوهاً من الأعذار لهم، فذكر في الفتاوي مثلاً أن معتقد الجهة لا يكفر (٣) ، كما ذكر أن من قال بالحرف والصوت مسلم ويجب رد السلام عليه (٤) ، أما في القواعد فقد ذكر أن مسائل قدم كلام الله، والصفات الخبرية كالوجه واليدين، والجهة، وغيرها" مما لا يمكن تصويب للمجتهدين فيه، بل الحق مع واحد منهم، والباقون مخطئون خطأ معفواً عنه لمشقة الخروج منه والانفكاك عنه ولا سيما قول معتقد الجهة ... " (٥) .

الأشاعرة المعاصرون لشيخ الإسلام ابن تيمية

عاصر شيخ الإسلام عدد كبير من علماء الأشاعرة، وجرت بينه وبينهم جولات ومناظرات أدت إلى سجنه مرات عديدة، كما أنها كانت سبباً في تأليفه لعدد كبير من رسائله وكتبه، والملاحظ أنه -رحمه الله- ركز في مواقفه العلمية - أما العملية فسبق شرحها في ترجمته - على الرد على شيوخ أشاعرة عصره، والسبب أن هؤلاء المعاصرين له إنما كانوا يرددون أقوال وحجج من سبقهم، ولم يكن أحد منهم ذا تميز مؤثر بحيث يصبح في منزلة الغزالي أو الرازي أو الآمدي أو غيرهم من الذين كانت لهم شخصيات مستقلة.


(١) قواعد الأحكام (١/١٤٠) .
(٢) انظر: الفتاوي (ص: ١٦٣-١٦٦) .
(٣) انظر: المصدر السابق (ص: ١٥٣) .
(٤) انظر: الفتاوي (ص: ٥٤) .
(٥) قواعد الأحكام (١/٢٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>