للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في استلهام القرآن الكريم، ألا نواجهه بمقررات سابقة إطلاقا، لا مقررات عقلية، ولا مقررات شعورية- من رواسب الثقافات التي لم نستقها من القرآن ذاتهـ نحام إليها نصوصه، أو نستلهم معافي هذه النصوص وفق تلك المقررات السابقة ".

" لقد جاء النص القرآني- ابتداء- لينشىء المقررات الصحيحة التي يريد الله أن تقوم عليا تصورات البشر، وأن تقوم عليها حياتهم، وأقل ما يستحقه هذا التفضل من العلى الكبير، هذه الرعاية من الله ذي الجلال- وهو الغني عن العالمين- أن يتلقوها وقد فرغوا لها قلوبهم وعقولهم من كل غبش دخيل، ليقوم تصورهم الجديد نطفا من كل رواسب الجاهليات- قديمها وحديثها على السواء- مستمدا من تعليم الله وحده، لا من ظنون البشر، التي لا تغنى من الحق شيئا ".

" ليست هناك إذن مقررات سابقة نحاكم إليها كتاب الله تعالى، إنما نحن نستمد مقرراتنا من هذا الكتاب إبتداء، ونقيم على هذه المقررات تصوراتنا ومقرراتنا، وهذا- وحدهـ هو المنهج الصحيح، في مواجهة القرآن الكريم، وفي استلهامه خصائص التصور الإسلامي ومقوماته " (١) .

٧- الرجوع إلى النصوص الواردة في مسألة معينة، وعدم الاقتصار على بعضها دون البعض الآخر، وهذا ناشيء من أنهم لا يفرقون بين النصوص وليس لديهم أصول عقلية متقررة سلفا عندهم ليأخذوا من النصوص ما وافقها ويدعوا ما خالفها، كما وقع فيه أهل الأهواء كلهم، إذ ما من طائفة من طوائفهم إلا وأخذت بجزء من النصوص مما يوافق مذهبها ثم تأتي طائفة تطعن في أدلة الطائفة الأخرى ... وهكذا في جميع مسائل العقيدة.

أما السلف- ومذهبهم هو الوسط- فلا يسلكون مثل هذا المنهج، بل يأخذون بجميع النصوص، فيكون معهم الحق الذي مع كل من الطائفتين المنحرفتين،


(١) خصائص التصور الإسلامي (ص: ١٤-١٥) ، ومع هذا المنهج الواضح لسيد قطب فلا يخلو كتابه " في ظلال القرآن " من بعض الهفوات التي وقع بها، خاصة في بعض الصفات كالاستواء وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>