للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يعقب قائلا:" وليس في هذا القول نسبة لهم- أي المتدينين- إلى التجهيل كما فهم تقي الدين ابن تيمية " (١) .

هكذا يقول الكاتب عن الصدر الأول- وفيهم الصحابة- إنهم كانوا يؤمنون بأمور العقيدة بقلوبهم، ولكنهم لا يعرفونها بعقولهم، وإنما عرفها أهل الكلام من بعد لما جاءوا بالمقدمات العقلية، ومع ذلك فليس في هذا تجهيل للصحابة والصدر الأول (٢) .

٥- ومن منهج السلف: التسليم لما جاء به الوحي، مع إعطاء العقل دوره الحقيقي، وعدم الخوض في الأمور الغيبية مما لا مجال للعقل فيه، فالسلف - رحمهم الله - لم يلغوا العقل كا يزعم خصومهم من أهل الكلام، أو من لا خبرة له بمذهب السلف من غيرهم، كما أنهم لم يحكموه في جميع أمورهم كما فعل أهل الضلال، وإنما وزنوا الأمر بموازين الشرع: فما جاء به الوحي فهو حق وصدق ولا يمكن أن يخالف معقولا صريحا أبدا، إذ كيف يخالفها والوحي من الله والعقول مخلوقة لله، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك والمقصود هنا بيان أن من منهجهم التسليم لما ورد في النصوص وعدم معارضتها بشيء من الأهواء أو العقول، مع إعطاء العقل دروه المناسب له (٣) .

٦- لم يكونوا يتلقون النصوص ومعهم أصول عقلية يحاكمون النصوص إليها،؟ فعل المعتزلة وغيرهم الذين وضعوا أصولأ عقلية، ثم لما جاءوا إلى القرآن والسنة وما فيهما من دلالات في الاعتقاد، نظروا فما وجدوه موافقا لتلك الأصول العقلية أخذوا به، وما وجدوه مخالفا لشيء نها أولوه أو أنكروا الاحتجاج به، وقد كان سيد قطب-رحمه الله- من الدعاة إلى هذا المنهج في العودة إلى العقيدة والتصور الإسلامي، يقول في كلامه حول المنهج الصحيح لذلك: " ومنهجنا


(١) المدرسة السلفية، تأليف: محمد عبد الستار نصار (ص: ٤٧٨) .
(٢) انظر: في موضوع منزلة الصحابة، قواعد المنهج السلفي (ص: ٥١-٦٨) الطبعة الثانية.
(٣) انظر: علاقة الاثبات والتفويض (ص: ٢٣-٢٦) ، ومنهج علماء الحديث والسنة (ص: ٤٠) ، وانظر: نقض التأسيس المطبوع (١/٢٤٦-٢٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>