للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب البدع الذين تسموا بأسماء وألقاب أو عرفوا بها فصارت علما عليهم، ومن المعلوم أن أهل السنة قد يسميهم غيرهم بأسماء وألقاب أخرى، إذ ما من فرقة إلا وسمت أهل السنة باسم يناسب ما خالفها فيه أهل السنة، ولكن بقي أهل السنة لم يلزمهم شىء من هذه الألقاب الباطلة. ولذلك ذكر ابن عبد البر أن رجلا جاء إلى الامام مالك فقال: " يا أبا عبد الله، أسألك عن مسألة أجعلك حجة فيما بينى وبين الله عز وجل، قال مالك: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، سل. قال: من أهل السنة؟، قال: أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمى، ولا قدري، ولا رافضي (١) ، ويقول الشيخ عبد القادر الجيلى (٢)

في الغنية: " واعلم أن لأهل البدع علامات يعرفون بها فعلامة أهل البدعة الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل الأثر بالحشوية، ويريدون إبطال الآثار، وعلامة القدرية تسميتهم أهل الأثر مجبرة، وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة، وعلامة الرافضة تسميتهم أهل الأثر ناصبة، وكل ذلك عصبية وغياض لأهل السنة، ولا اسم لهم إ، اسم واحد وهو: أصحاب الحديث، ولا يلتصق بهم ما لقبهم به أهل البدع، كمالم يلتصق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - تسمية كفار مكة ساحرا وشاعرا ومجنونا ومفتونا وكاهنا، ولم يكن اسمه عند الله وعند ملائكته وعند إنسه وجنه ولسائر خلقه إلا رسولا نبياً ... " (٣) .

٢- توسطهم بين الناس، وعدم الافراط أو التفريط، وهذا مبني على أن مذهبهم هو المذهب الوسط. وقد حرص السلف على أن يكونوا وسطا.


(١) الانتقاء لابن عبد البر (ص: ٣٥) .
(٢) أو الجيلاني، وهو الشيخ عبد القادر بن أبي صالح بن عبد الله الجيلي الحنبلي، وفي مقدمة الغنية في ترجمته (ص: ٣) عبد القادر بن موسى وكذا في الأعلام (٤/٤٧) - الطبعة الأخيرة-، ولد الشيخ عبد القادر سنة ٤٧٠ هـ، وتوفى سنة ٥٦١هـ. قال عنه الذهبى: " وفي الجملة: الشيخ عبد القادر كبير الشأن، وعليه مآخذ في بعض أقواله ودعاويه"، وسماه في بداية الترجمة شيخ الاسلام وعلم الأولياء. سير أعلام النبلاء (٢٠/٤٣٩- ٤٥١) ، وانظر الأنساب (٣/٤١٤) ، ط لبنان والمنتظم (١٠/٢١٩) ، وذيل طبقات الحنابلة (١/٢٩٠-٣٠١) ..
(٣) الغنية (١/٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>