للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأمور كلها وأن لا ينساق أحد منهم مع أحد القولين المتطرفين، ولذلك كان الشعبي (١) يقول: " أحب أهل بيت نبيك ولا تكن رافضيا، واعمل بالقرآن ولا تكن حروريا، واعلم أن ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، ولا تكن قدريا، وأطع الامام وإن كان عبدا حبشيا ولا تكن خارجيا، وقف عند الشهات ولا تكن مرجيا، وأحب صاع بنى هاشم ولا تكن خشبيا (٢) ، وأحب من رأيته يعمل الخير وإن كان أخرم سنديا " (٣) .

٣- ثباتهم على منهجهم لقناعتهم أنه الحق، وعدم تقلبهم كما هي عادة أهل الأهواء، ولذلك روى عن عمر بن عبد العزيز-رحمه الله- أنه قال: " من جعل دينه غرضا للخصومات اكثر التنقل " (٤) ، كما روى عن الامام مالك أنه قال: " كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل على محمد - صلى الله عليه وسلم - لجدله " (٥) ، وروى معن بن عيسى قال: " انصرف مالك بن أنس - رضى الله عنه - يوما من المسجد وهو متكىء على يدي، فلحقه رجل يقال له أبو الحورية- كان يتهم بالإرجاء- فقال: يا عبد الله، اسمع منى شيئا أكلمك به وأحاجك، وأخبرك رأي، قال: فإن غلبتني؟ قال: إن غلبتك اتبعني. قال: فإن جاء رجل آخر فكلمنا فغلبنا؟ قال نتبعه. قال مالك-رحمه الله- تعالى -: يا عبد الله، بعث الله عز وجل محمدا - صلى الله عليه وسلم - بدين واحد، وأراك تنتقل


(١) هو: الامام المشهور: عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار، أبو عمرو الهمذاني الشعبى، روى له الجماعة. توفى سنة ٠٥ ١ هـ، وقيل غير ذلك. انظر: أخبار القضاة (٢/٤١٣-٤٢٨) والحلية (٤/ ٠ ٣١) ، وسير أعلام النبلاء (٤/٢٩٤) ، والوافي في الوفيات (١٦/٥٨٧) .
(٢) هم أتباع المختار بن أبي عبيد، من الشيعة، وهم من الكيسانية وغيرهم، وسموا بذلك لاستعمالهم العكاكيز في الحرب. انظر: مروج الذهب (٣/ ٣١٠) ، منشورات الجامعة اللبنانية، وانظر فهارس هذا الكتاب (٦/٣٠٦) .
(٣) تهذيب تاريخ دمشق (٧/١٤٣) .
(٤) رواه الد ارمي، رقم (٣١٠) - باب من قال: العلم الخشية وتقوى الله، والآجري في الشريعة (ص: ٥٦) ، والبغوى في شرح السنة (١ / ٢١٧) ، ط المكتب الإسلامي، ورواه اللالكائي في شرح السنة، رقم (٢١٦) .
(٥) رواه اللالكائي في شرح السنة، رقم (٢٩٣-٢٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>