للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من دين إلى دين، قال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات اكثر التنقل " (١) .

ولذلك ما أكثر تنقل أهل الأهواء، بخلاف السلف الذين عرفوا الحق فثبتوا عليه، وأهل الكلام " لو اعتصموا بالكتاب والسنة لا تفقوا كما اتفق أهل السنة والحديث، فإن أئمة السنة والحديث لم يختلفوا في شىء من أصول دينهم " (٢) .

٤- اتفاقهم على أمور العقيدة، وعدم اختلافهم مع اختلاف الزمان والمكان، وهذا ما يمكن أن يسمى به الوحدة الفكرية عندهم " فأهل السنة في أي قرن من القرون، وفي أي مكان لو اختبرت الواحد منهم لوجدته يحمل من العقيدة والمنهج- مع القناعة التامة بذلك- مثل ما يحمله الآخر يقول قوام السنة الأصبهاني (٣) : " ومما يدل على أن أهل الحديث هم أهل الحق انك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم، مع اختلاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحد منهم قطرا من الأقطار - وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة، ونمط واحد، يجرون على طريقة لا يحيدون عنها، ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد، ونقلهم واحد، لا ترى فيهم اختلافا ولاتفرقا في شيء ما وإن قل. بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء عن قلب واحد، وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دليل أبين من هذا؟ " (٤) .وهذا وصف دقيق لوحدة أهل السنة وعدم تباين واختلاف أقوالهم مثل ما حدث ويحدث لمن عداهم من أهل الأهواء والابتداع.


(١) الشريعة للآجري (ص: ٥٦-٥٧) .
(٢) درء تعارض العقل والنقل (١٠/٣٠٦) .
(٣) هو: الإمام إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي القرشى، التيمي الأصبهاني، (ويقال له: الجوزي، نسبة إلى الجوزة، وهي الفرخة في لغة العجم) ، وبها نسبه تلميذه صاحب الأنساب، وذكر أنه كان يكرهها، لكنه قال: ولولا اشتهاره بها ما نسبته إليها، ويلقب بقوام السنة، ولد سنة: ٤٥٧ هـ وتوفى سنة: ٥٣٥ هـ. الأنساب (٣/٣٦٨) ، وطبقات الشافعية للأسنوي (١/٣٥٩) وشذرات الذهب (٤/١٠٥) ، وسير أعلام النبلاء (٢٠/ ٨٠) ، والأعلام (١/٣٢٣) .
(٤) الحجة في بيان المحجة- مخطوط- ورقمة (١٦٤) ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>