للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحق في ذلك وتمييز مذهب السلف عما يدعيه هؤلاء: شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- تعالى (١) -.

٢- أن مذهب الأشاعرة قد انتشر في العالم الإسلامي، قبل ابن تيمية (٢) ، وقد حدثت له عدة تطورات قربته كثيرا من المعتزلة والفلاسفة والمتصوفة، ولم يأت عهد ابن تيمية إلا وقد بلغ أوجه في التطور والانتشار بعد الجهود الكبيرة التي قام بها علماء كبار من هذا المذهب كالغزالي والرازي وغيرهما، فلما جاء شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذلك ممثلا لمذهب السلف ومدافعا عنه ورادا على هؤلاء، تميز عهده بأمرين:-

أحدهما: بروزه على أنه أول من تصدى بقوة للمذهب الأشعري- خاصة بعد تطوره الأخير- ولذلك يقول المقريزي- بعد عرضه لنشأة المذهب الأشعري وانتشاره على يد بعض العلماء والسلاطين: " فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعري وانتشاره في أمصار الاسلام، بحيث نسي غيره من المذاهب وجهل، حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه إلا أن يكون مذهب الحنابلة- أتباع الامام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل- رضي الله عنهـ، فإنهم كانوا على ما كان عليه السلف لا يرون تأويل ما ورد من الصفات- إلى أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة اشتهر بدمشق وأعمالها تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، فتصدى للانتصار لمذهب السلف، وبالغ في الرد على مذهب الأشاعرة، وصدع بالنكير عليهم وعلى الرافضة وعلى الصوفية (٣) . ولا شك أنه كانت لعلماء السلف في كل زمن جهود مشكورة في الدفاع عن عقيدة السلف والرد على خصومها،


(١) يقول عبد الحليم محمود- وهو صوفي-:ولايزال هذا الجدل حول تحديد مذهب السلف مستمرا إلى الآن بين مدرسة الأشعري ومدرسة ابن تيمية، كل منهما يزعم انتسابه للسلف ومتابعته لمالك وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما!، التفكير الفلسفي في الإسلام (ص: ١٣٥) .
(٢) سيأتي إن شاء الله بيان ذلك في الفصل الرابع من الباب الأول.
(٣) الخطط (٢/٣٥٨-٣٥٩) ، مصورة بولاق، وانظر في علم الكلام- الأشاعرة- لأحمد صبحي (ص:١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>