للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسادها وطريق حلها، إلا أن رأيت بعد ذلك من أئمة تلك الطائفة من قد تفطن لفسادها وبيّنه، وذلك لأن الله خلق عباده على الفطرة، والعقول السليمة مفطورة على معرفة الحق لولا المعارضات، ولهذا أذكر من كلام رؤوس الطوائف في العقليات ما يبيّن ذلك، لا لأننا محتاجون في معرفتنا إلى ذلك، لكن ليعلم أن أئمة الطوائف معترفون بفساد هذه القضايا، التي يدعي إخوانهم أنها قطعية، مع مخالفتها للشريعة، لأن النفوس إذا علمت أن ذلك القول قاله من هو من أئمة المخالفين استأنست بذلك واطمأنت به، ولأن ذلك يبيّن أن تلك المسألة فيها نزاع بين تلك الطائفة فتنحل عقد الإصرار والتصميم على التقليد، فإن عامة الطوائف- وإن ادعوا العقليات - فجمهورهم مقلدون لرؤوسهم فإذا رأوا الرؤوس قد تنازعوا واعترفوا بالحق انحلت عقدة الإصرار على التقليد" (١) .

فشيخ الإسلام يذكر ثلاثة أسباب دعته إلى النقل عن رؤساء الطوائف هي:

أ - بيان أن أئمة الطوائف معترفون بفساد هذه القضايا التي يدعي هؤلاء المردود عليهم أنها قطعية.

ب - ناحية نفسية تتمثل في أن هؤلاء إذا علموا أن ذلك القول قد قال به أئمتهم من قبل أنسوا واستأنسوا.

جـ - إزالة عقدة الإصرار والتصميم على هذه المقالة الباطلة حين يتبيّن لهم أن فيها نزاعاً بين رؤسائهم.

٣- وكثيراً ما يرد الأقوال الفاسدة بعضها ببعض، لبيان أن صاحب هذا القول الفاسد- الذي يدور حوله الرد - ينكر على منازعه ما هو أقرب إلى الصحة من قوله، فإذا كان قول منازعه فاسداً فقوله هو أحق بالفساد منه، يقول شيخ الإسلام في رده على الآمدي حين ذكر دليله الثالث على نفي التجسيم عن الله تعالى، وخلاصته: أنه لو كان جسماً لكان له بعد وامتداد، ووجوب تناهي الأبعاد (٢) فرد عليه شيخ الإسلام، وكان مما قاله في معرض رده:


(١) درء التعارض (١/٣٧٦-٣٧٧) .
(٢) أبكار الأفكار للآمدي (١/١٤٢-أ-ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>