للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك فهم يتناقضون حين يقولون: إن أخبار الآحاد لا تفيد العلم، أو إنها لا يحتج بها في العقيدة، وهو إنما يلجأؤن إلى هذا حين تورد عليهم الأحاديث الواردة في إثبات الصفات لله تعالى مما يظنون أنها تقضي تشبيهاً أو تجسيماً.

الثالث: أن علماء مصطلح الحديث بحثوا هذه المسألة عند تقسيمهم الحديث إلى متواتر وآحاد، وعند كلامهم عن صحيحي البخاري ومسلم وتلقى الأمة لها بالقبول:

١- فابن الصلاح -رحمه الله- يقول عن المتفق عليه بين البخاري ومسلم: " وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافاً لقول من نفي ذلك محتجاً بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ، وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قوياً، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولاً هو الصحيح.." (١) ، ثم بين أن حكمة هذا يشمل أيضاً ما انفرد به أحدهما (٢) .

٢- تعقب النووي ابن الصلاح فقال في التقريب: " وذكر الشيخ تقي الدين [أي ابن الصلاح] أن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحته، والعلم القطعي حاصل فيه، وخالفه المحققون الأكثرون، فقالوا يفيد الظن ما لم يتواتر" (٣) ، كما وافق النووي وخالف ابن الصلاح عزُّ الدين بن عبد السلام (٤) .

وكثير من العلماء الذين جاءوا بعد النووي أيدوا ابن الصلاح، ومنهم الحافظ ابن كثير (٥) ، وسراج الدين البلقيني (٦) ، وابن حجر (٧) ، وغيرهم.


(١) علوم الحديث لابن الصلاح (ص: ٢٤) ، وانظر: صيانة صحيح مسلم (ص:٨٥-٨٦-١١٥) .
(٢) انظر: علوم الحديث (ص: ٢٥) .
(٣) التقريب للنووي (ص: ٤٠) ، وانظر: شرحه لصحيح مسلم (١/٢٠) .
(٤) انظر: التقييد والإيضاح للعراقي (ص:٤١) .
(٥) انظر: الباعث الحثيث (ص: ٣٣) ، وانظر: تعليق أحمد شاكر في الحاشية.
(٦) انظر: محاسن الاصطلاح (ص: ١٠١) .
(٧) انظر: النكت على ابن الصلاح (١/٣٧١) ، وما بعدها، ونزهة النظر (ص: ٣٩) ، مع لقط الدرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>