للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي إسحاق النظام من المتكلمين، وإنما نازع في ذلك طائفة كابن الباقلاني ومن تبعه مثل أبي المعالي والغزالي وابن عقيل، وقد ذكر أبو عمرو بن الصلاح القول الأول وصححه واختاره، ولكنه لم يعلم كثرة القائلين به ليتقوى بهم، وإنما قاله بموجب الحجة الصحيحة، وظن من اعتراض عليه من المشايخ (١) الذي لهم علم ودين، وليس لهم بهذا الباب خبرة تامة أن هذا الذي قاله الشيخ أبو عمرو انفرد به عن الجمهور، وعذرهم أنهم يرجعون في هذه المسائل إلى ما يجدونه من كلام ابن الحاجب، وإن ارتفعوا درجة صعدوا إلى السيف الآمدى، وإلى ابن الخطيب، فإن علا سندهم صعدوا إلى الغزالي والجويني والباقلاني" (٢) ، ثم ذكر ابن تيمية دليل الجمهور وهو الإجماع (٣) .

والدليل على أن شيخ الإسلام من أبرز العلماء الذين حققوا هذه المسألة وبينوا خطأ المتكلمين من الأشاعرة الذين حكوا الخلاف زاعمين أن قول الجمهور: أنها تفيد الظن، أن علماء أصول الحديث المحققين لما حققوا في الأمر استشهدوا ونقلوا كلام شيخ الإسلام في تحقيق ذلك، فابن كثير يقول بعد سياق الخلاف بين ابن الصلاح والنووي: " قلت: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه، والله أعلم" (٤) ، ثم يقول: " -حاشية - ثم وقفت بعد هذا على كلام لشيخنا العلامة ابن تيمية مضمونه أنه نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول عن جماعات من الأئمة [وذكرهم ثم قال بعد نهاية كلام شيخ الإسلام] : " وهو معنى ما ذكره ابن الصلاح استنباطا، فوافق فيه هؤلاء الأئمة" (٥) ، ومثله البلقيني في شرحه لمقدمة ابن الصلاح، فإنه قال بعد ذكر الخلاف: " وما قاله ابن عبد السلام والنووي ومن تبعهما ممنوع، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين- رحمهم اللهـ[وساق أسماءهم بما يقارب ما في الباعث


(١) كالنووي والعز بن عبد السلام - كما تقدم تقريباً -.
(٢) نقله ابن القيم مختصر الصواعق (٢/٣٧٣-٣٧٤) .
(٣) انظر: المصدر السابق (٢/٣٧٤-٣٧٧) ، وهو بحث مهم جداً.
(٤) الباعث الحثيث (ص: ٣٣) .
(٥) المصدر السابق (ص: ٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>