للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأدلة التي ذكرها الرازي هي نفسها أدلة الذين لا يوجبون العمل بخبر الآحاد في الأحكام، وما يجيبهم به الرازي في كتبه الأصولية يجاب به هنا، وكلامه عن أهل الحديث وروايتهم كلام من ليس خبيرا بأحوالهم ومناهجهم.

ولاشك أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد ناقش الرازي في أقواله هذه في نقض التأسيس كما يدل عليه منهجه فيما وصل إلينا من هذا الكتاب الذي تتبع في كلام الرازي كلمة كلمة وجملة جملة، وللأسف لم يصل إلينا على حد علمي- الجزء الخاص بهذه المسألة-، علما بأنه قد وصل جزء من رده على كلام الرازي بعد كلامه في خبر الآحاد، وهو القسم الثالث من أساس التقديس، ورد عليه شيخ الإسلام في الجزء الثاني من نقضه المخطوط (١) . وليس في كتب شيخ الإسلام كلام مطول حول هذا الموضوع، وإنما فيها إشارات سبق نقل بعضها، ولعل ابن القيم- كعادتهـ لخص كلام شيخ الإسلام مع إضافات وتحقيقات فيما كتبه مطولا حول أخبار الآحاد (٢) .

والأدلة التي أوردها شيخ الإسلام ردا على الرازي وغيره هي كما يلي:

أ- نقل ابن تيمية عن ابن عبد البر الخلاف في خبر الآحاد هل يوجب العمل دون العلم أو العلم والعمل جميعا، وبعد ذكر أقوال العلماء في ذلك قال: " وكلهم يروى خبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادى ويوالي عليها، ويجعلها شرعا وحكما ودينا في معتقده، على ذلك جماعة أهل السنة، ولهم في الأحكام ما ذكرنا". قال ابن تيمية معلقا على هذا: " قلت: هذا الإجماع الذي ذكره في خبر الواحد العدل في الاعتقادات يؤيد قول من يقول: إنه يوجب العلم، وإلا فما لا يفيد علما ولا عملا كيف يجعل شرعا ودينا يوالي عليه ويعادي؟ " (٣) ، والعجيب أن ابن عبد البر نفسه رجح أنه يوجب العمل دون


(١) سبقت الإشارة إلى الجزء الثاني من مخطوط نقض التأسيس حقه أن يكون هو الثالث وأن يقدم عليه الثالث ليصبح الثاني، قارن بين أساس الرازي (ص: ١٧٣) ، ونقضه المخطوط (٢/١٩٩) .
(٢) انظر: مختصر الصواعق (٢/٣٣٢-٤٤٦) .
(٣) المسودة (ص: ٢٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>