للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أول خطبته فيما خرجه في الرد على الزنادقة والجهمية: " الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه؟ وكم من ضال تائه قد هدوه؟ فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب.. " (١) ، وقد قام هؤلاء - وفيهم الإمام أحمد - بواجبهم في الدفاع عن مذهب السلف، ومقاومة أهل البدع فرحمهم الله جميعاً.

ب - ويقول شيخ الإسلام في معرض رده الطويل على الرازي حول المحكم والمتشابه: " أهل السنة وأهل المعرفة بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والطائفة المتبعون لذلك هم أكمل علماً وعملاً من غيرهم، فهم أعلم الناس يقيناً ومعرفة لاتباعهم، متابعة الرسول لهم بكلامه، وعلمهم بذلك ونطقهم به " (٢) .

جـ - ويقول أيضاً: " وكل من أمعن نظره وفهم حقيقة الأمر علم أن السلف كانوا أعمق من هؤلاء علماً، وأبر قلوباً، وأقل تكلفاً، وأنهم فهموا من حقائق الأمور ما لم يفهمه هؤلاء الذين خالفوهم، وقبلوا الحق وردوا الباطل " (٣) .د - ويشرح شيخ الإسلام سبب كونهم أعلم وأحكم فيقول: " وأما كونهم أعلم ممن بعدهم وأحكم، وأن مخالفهم أحق بالجهل والحشو، فنبين ذلك بالقياس المعقول من غير احتجاج بنفس الإيمان بالرسول، كما قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (فصلت:٥٣) ، فأخبر أنه


(١) انظر: درء التعارض (٢/٣٠١-٣٠٢) ، وكلام الإمام أحمد في أول الرد على الزنادقة والجهمية (ص: ٥٢) ، ضمن عقائد السلف، (ص:٨٥) ت عميرة.
(٢) نقض التأسيس المخطوط (٢/٣١٩) .
(٣) انظر: درء التعارض (٣/٤٥٤) ، وانظر أيضاً (٧/٣٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>