للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به الرسول، ومعرفة أقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فإليهم المرجع في هذا الباب، لا إلى من هو أجنبي عن معرفته، ليس له معرفة بذلك، ولولا أنه قلد في الفقه لبعض الأمثلة لكان في الشرع مثل آحاد الجهّال من العامة" (١) . والسلف المتقدمون أعظم تحقيقاً ممن جاء بعدهم، " ومن أتاه الله علماً وإيماناً علم أنه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق إلا ما هو دون تحقيق السلف، لا في العلم، ولا في العلم، ومن كان له خبرة بالنظريات والعقليات والعمليات علم أن مذهب الصحابة دائماً أرجح من قول من بعدهم، وأنه لا يبتدع أحد قولاً في الإسلام إلا كان خطأ وكان الصواب قد سبق إليه من قبله " (٢) .

فهؤلاء هم أهل الحديث وهم أعلام السلف، نقلوا السنة وفهموها، وكان علمهم بها بلغ منزلة لا يمكن أن يصل إليها من جاء بعدهم، وهذا في كل ما نقلوه من أحاديث الأحكام والعقائد والآداب وغيرها.

٤- وجوب الرجوع إلى كلام الصحابة والسلف في فهمهم للعقيدة وشرحهم لها، وهذه من القضايا الأساسية في باب العقائد، لأن القرآن الكريم وصل إلينا دون تحريف، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلت إلينا، وميز الصحيح منها عن الضعيف، ولكن من الذي يشرح نصوص الكتاب والسنة ويفسرها، ويوضحها للناس، ويستخلص منها ما يجب اعتقاده، هل يترك هذا لكل متكلم برأيه وهواه وفهمه القاصر أن يقول فيها ما يراه حقاً وصواباً؟ ثم حين يقع الاختلاف بين الناس في فهم بعض النصوص فمن الذي يرجع إليه في بيان الحق من الباطل؟.

لقد أولى شيخ الإسلام وهو يرد على أهل الكلام - من الأشاعرة وغيرهم - هذه المسألة اهتماماً كبيراً، فبين أن تفسير النصوص - خاصة ما وقع فيه خلاف بين المتأخرين، - يجب الرجوع فيه إلى فهم الصحابة والسلف، وإلا انفتح لكل متأوّل وفيلسوف وقرمطي وصوفي غال أن يفسر كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بما يشاء، وقد جاء تقرير شيخ الإسلام لذلك كما يلي:


(١) انظر: درء التعارض (٧/٣٢) .
(٢) الإيمان (ص: ٤١٧) ، ط المكتب الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>