أ- بيانه أن الصحابة والسلف كانوا عالمين بتفسير النصوص، عارفين بدلالاتها، وأنهم بلغوها وعلموها من جاء بعدهم، يقول شيخ الإسلام في الحموية:" ثم من المحال أيضاً أن تكون القرون الفاضلة - القرن الذي بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم- كانوا غير عالمين وغير قائلين في هذا الباب بالحق المبين، لأن ضد ذلك: إما عدم العلم والقول، وإما اعتقاد نقيض الحق وقول خلاف الصدق، وكلاهما ممتنع:
" أما الأول: فلأن من في قلبه أدنى حياة وطلب للعلم، أو نهمة في العبادة يكون البحث عن هذا الباب والسؤال عنه، ومعرفة الحق فيه، أكبر مقاصده، وأعظم مطالبه، أعني بيان ما يجب اعتقاده، لا معرفة كيفية الرب وصفاته، وليست النفوس الصحيحة إلى شيء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر، وهذا أمر معلوم بالفطرة الوجدية، فكيف يتصور مع قيام هذا المقتضى - الذي هو من أقوى المقتضيات - أن يتخلف عنه مقتضاه في أولئك السادة، في مجموع عصورهم؟ هذا لا يكاد يقع في أبلد الخلق، وأشدهم إعراضاً عن الله، وأعظمهم إكباباً على طلب الدني والغفلة عن ذكر الله تعالى، فكيف يقع في أولئك؟ ".
" وأما كونهم كانوا معتقدين فيه غير الحق أو قائليه، فهذا لا يعتقده مسلم ولا عاقل عرف حال القوم " (١) .
وقد واجه شيخ الإسلام بهذا الكلام أشاعرة عصره الذين كانوا في وقتهم يعولون على تأويلات الجويني والغزالي والرازي والآمدي في كتبهم الكلامية، التي خالفوا فيها مذهب الصحابة والسلف، وأتوا بتأويلات لنصوص الصفات وغيرها لم يعرفها السلف وخير القرون.
ب - أنه يجب الرجوع إلى ما قاله الصحابة والسلف حول النصوص، لأن أقوالهم هي التي تفصل الخلاف في هذا الباب، يقول شيخ الإسلام - في معرض الرد على الرازي -: " والطريق إلى معرفة ما جاء به الرسول أن تعرف