للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"

والوجه السادس: أن الصحابة رضي الله عنهم فسروا للتابعين القرآن، كما قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس من أوله إلى آخره أوقفه عند كل آية وأسأله عنها (١) ، ولهذا قال سفيان الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به (٢) ، وكان ابن مسعود يقول: " لو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته " (٣) ، وكل واحد من أصحاب ابن مسعود وابن عباس نقلوا عنه من التفسير ما لم يحصه إلا الله، والنقول في ذلك عن الصحابة والتابعين معروفة عند أهل العلم بها " (٤) . فهذه الوجوه دالة على أن الصحابة كانوا أعلم الناس بما دلت عليه النصوص ولذلك فإليهم المرجع في تفسير النصوص وفهمها.

د - أن ما وجد من خلاف بين الصحابة في تفسر القرآن لم يكن من اختلاف التباين الذي تتعارض فيه الأقوال، وإنما هو من اختلاف التنوع حيث يصدق الأقوال بعضها بعضاً، يقول شيخ الإسلام: " عامة تفاسير السلف ليست متباينة، بل تارة يصفون الشيء والواحد بصفات متنوعة، وتارة يذكر كل منهم من المفسِّر نوعاً، أو شخصاً على سبيل المثال لتعريف السائل، بمنزلة الترجمان الذي يقال له ما الخبر فيشير إلى شيء معين على سبيل التمثيل " (٥) ، ويقول أيضاً جواباً لاعتراض يقول: أن الصحابة اختلفوا في تفسير القرآن اختلافاً كثيراً ولو كان ذلك معلوماص عندهمن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يختلفوا فيه - يقول شيخ الإسلام: " يقال: الاختلاف الثابت عن الصحابة، بل وعن أئمة التابعين في القرآن أكثره لا يخرج عن وجوه:

"

أحدهما: أن يعبر كل منهم عن معنى الإسلام بعبارة غير عبارة صاحبه..


(١) رواه الطبري في تفسيره (١/٩٠) رقم ١٠٨.
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١/٩١) رقم ١٠٩.
(٣) رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورقمه ٥٠٠٢، فتح الباري (٩/٤٧) .
(٤) القاعدة المراكشية (ص: ٢٩-٣٢) .
(٥) نقض التأسيس المخطوط (٢/٦٧) ، وانظر أيضاً (٢/٣٤٧-٣٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>