للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ركز شيخ الإسلام في مناقشاته الكثيرة المتعددة على هذه المسألة وبين أن ما جاءوا به مما هو مخالف لدين الإسلام فإنما هو من الكلام المذموم والبدع المحرمة التي نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحذر منها، كما حذر منها الصحابة وأئمة أهل السنة، ويمكن عرض موقف شيخ الإسلام من هذه المسألة كما يلي:

أ - تحقيقه في نشأة مصطلح " المتكلمون " أو " أهل الكلام " فقد ذكر الشهرستاني في الملل والنحل أن المعتزلة طالعوا كتب الفلاسفة " حين نشرت أيام المأمون، فخلطت مناهجها بمناهج الكلام، وأفردتها فناً من فنون العلم، وسمتها باسم الكلام؛ إما لأن أظهر مسألة تكلموا فيها وتقاتلوا عليها هي مسألة الكلام، فسمي هذا النوع باسمها، وإما لمقابلتهم الفلاسفة في تسميتهم فناً من فنون علمهم بالمنطق، والمنطق والكلام مترادفان" (١) ،وقد استشهد صفي الدين الهندي في مناظرته - مع أصحابه الأشاعرة - لابن تيمية بكلام الشهرستاني، فحين قال: " أول مسألة اختلف فيها المسلمون: مسألة الكلام، وسمي المتكلمون متكلمين لأجل تكلمهم في ذلك، وكان أول من قالها عمرو بن عبيد" (٢) .

عقب شيخ الإسلام بقوله في المناظرة: " قلت: الناس مختلفون في مسألة الكلام في خلافة المأمون وبعدها في أواخر المائة الثانية، وأما المعتزلة فقد كانوا قبل ذلك بكثير، في زمن عمرو بن عبيد بعد موت الحسن البصري في أوائل المائة الثانيةن ولم يكن أولئك قد تكلموا في مسألة الكلام ولا تنازعوا فيها، وإنما أول بدعتهم تكلمهم في مسائل الأسماء والإحكام والوعيد " - فاعترض صفي الدين الهندي قائلاً: - " هذا ذكره الشهرستاني في كتاب الملل والنحل " فرد شيخ الإسلام بقوله: " الشهرستاني ذكر ذلك في اسم المتكلمين لم سموا متكلمين لم يذكره في اسم المعتزلة.. وأيضاً فما ذكره الشهرستاني ليس بصحيح في اسم المتكلمين، فإن المتكلمين كانوا يسمون بهذا الاسم قبل تنازعهم في مسألة الكلام، وكانوا يقولون عن واصل بن عطاء: إنه متكلم ويصفونه بالكلام ولم يكن الناس اختلفوا


(١) الملل والنحل (١/٣٠) .
(٢) مناظرة حول الواسطية: مجموع الفتاوي (٣/١٨٣) ، العقود الدرية (ص: ٢٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>