للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بين زكريا بن يحيى الساجي في روايته هذه الحكاية عن الربيع: أنه أراد بالنهي عن الكلام قوماً تكلموا في القدر (١) ، ولذلك حكم بالتبديع، ويدل عليه ما أخبرنا [وساق بإسناده إلى يونس بن عبد الأعلى قال:] جئت الشافعي بعد ما كلم حفصا الفرد فقال: غبت عنا أبا موسى، لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء والله ما توهمته قط، ولأن يبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه ما خلا الشرك بالله خير له من أن يبتلى بالكلام " (٢) ،

قال ابن عساكر: " فالشافعي إنما عني بمقالته كلام حفص القدري وأمثاله " (٣) ، ثم أيّد هذا بنقول عن البيهقي في مناقب الشافعي - سبق نقل بعضها -.

فالبيهقي وابن عساكر يريان أن ذم الشافعي لأهل الكلام إنما عنيّ به القدرية، وسيأتي بعد قليل مناقشة ابن تيمية لهم.

٣ - الغزالي: وقد نقل في إحياء علوم الدين كلاماً طويلاً عن ذم السلف لأهل الكلام، وقد ذكر أولاً الخلاف فيه وأن الناس من قال: إنه بدعة محرم، ومنهم من قال: إنه واجب على الكفاية، والأعيان، وقال: " وإلا التحريم ذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان وجميع أهل الحديث من السلف.. " (٤) ، ثم ذكر نماذج عديدة من أقوالهم في ذمه، وبعد أن ذكر رأي الطائفة الأخرى المجوزة وحججها (٥) قال: فإن قلت فما المختار فيه فاعلم أن الحق فيه أن إطلاق القول بذمه في كل حال أو بحمده في كل حال خطأ.. فالأولى والأبعد عن الالتباس أن يفصل، فنعود إلى علم الكلام ونقول: إن فيه منفعة وفيه مضرة، فهو باعتبار مضرته في وقت الاستضرار ومحله حرام.


(١) ذكر هذه الرواية عن الساجي البيهقي في مناقب الشافعي (١/٤٦٠) .
(٢) تبيين كذب المفتري (ص: ٣٣٦) ، ودرء التعارض (٧/٢٤٥-٢٤٦) ، وانظر: آداب الشافعي ومناقبه (ص: ١٨٢) ..
(٣) التبين (ص: ٢٣٧) ، ودرء التعارض (٧/٢٤٦) .
(٤) إحياء علوم الدين (١/٩٤-٩٥) ، وانظر: درء التعارض (٧/١٤٦) .
(٥) انظر الإحياء (١/٩٤-٩٥) ، وانظر: درء التعارض (٧/١٤٦-١٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>