للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما يحمد وما يذم، وأن من قبل ذلك وحمده كان من أهل الكلام الباطل المذموم باتفاق هؤلاء" (١) ، وكلام الغزالي - الذي سبق نقل بعضه قريباً - فيه شهادة كما يقول ممن خبر الكلام وغاص فيه وبلغ منتهى درجة المتكلمينن وشهادته لها وزنها وأهميتها.

أما الجانب الثاني: فشيخ الإسلام يعلق على قول الغزالي: " بل منفعته شيء واحد وهو حراسة العقيدة التي ترجمناها على العوام " (٢) ؛ بقوله: " وأما حراسة عقيدة العوام فيقال: أولاً: لابد أن يكون المحروس هو نفس ما ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر به لأمته، فأما إذا كان المحروس فيها ما يوافق خبر الرسول وفيه ما يخالفه كان تمييزه قبل حراسته أولى من الذب عما يناقض خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن حاجة المؤمنين إلى معرفة ما قاله الرسول وأخبرهم به ليصدقوا به، ويكذبوا بنقيضه، ويعتقدوا موجبه، قبل حاجتهم إلى الذب عن ذلك، والرد على من يخالفه، فإذا كان المتكلم الذي يقول: أنه يذب عن السنة، قد كذب هو بكثير مما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - واعتقد نقيضه؛ كان مبتدعاً مبطلاً، متكلماً بالباطل فيما يخالف خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما أن ما وافق فيه خبر الرسول فهو فيه متبع للسنة، محق متكلم بالحق، وأهل الكلام الذين ذمهم السلف لا يخلو كلام أحد منهم عن مخالفة السنة، ورد لبعض ما أخبر به الرسول، كالجهمية، والشمبهة، والخوارج، والروافض، والقدرية، والمرجئة ".

"

ويقال بأنها لابد أن تُحرس السنة بالحق والصدق والعدل، ولا تُحرس بكذب ولا ظلم، فإذا رد الإنسان باطلاً بباطل، وقابل بدعة ببدعة كان هذا مما ذمه السلف والأئمة، وهؤلاء - كما ذكره أبو حامد - يدخلون في هذا وكلام السلف في ذم الكلام متناول لما ذمه الله في كتابه، والله سبحانه قد ذم في كتابه الكلام بالباطل، والكلام بغير علم، والأول كثير، وأما الثاني فقد


(١) انظر: درء التعارض (٧/١٦٥) .
(٢) سبق نقل كلامه قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>