للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (لأعراف:٣٣) ، وقال تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} (آل عمران:٦٦) ، وقال: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الإسراء:٣٦) (١) .

والعقيدة التي أشار أبو حامد الغزالي إلى أنها عقيدة العوام وأنه ترجمها لهم هي التي ذكرها في الإحياء باسم " الرسالة القدسية " أو "قواعد العقائد"، وفيها كثير مما يخالف مذهب أهل السنة والجماعة، مما هو موافق لمذهب جمهور الأشاعرة، ولذلك قال شيخ الإسلام: يجب تمييز ما يوافق خبر الرسول مما يخالفه قبل حراسته التي ادعى الغزالي أنها مهمة علم الكلام.

هـ - أن السلف ذموا من الكلام الكلام المخالف للكتاب والسنة ولم يذموا جنس الكلام، كما لم يذموه لما فيه من الاصطلاحات الحادثة، وكثيراً ما يشير شيخ الإسلام إلى أن القرآن الكريم جاء بالدلائل العقلية والأمثلة المضروبة، وأن الصحابة والسلف ناظروا أهل الباطل، وبينوا ما في كلامهم من الفساد، كما أنهم قاموا بدعهم بمختلف الوسائل من منع وهجر، وتحذير للناس، ومناظرة.

يقول شيخ الإسلام: " وقد ظن بعض الناس أن ذم السلف والأئمة للكلام وأهل الكلام كقول أبي يوسف.. [ونقل أقوال السلف المشهورة] .. وأمثال هذه الأقوال المعروفة عن الأئمة؛ ظن بعض الناس أنهم إنما ذموا الكلام لمجرد ما فيه من الاصطلاحات المحدثة، كلفظ الجوهر والجسم والعرض، وقالوا: إن مثل هذا لا يقتضي الذم، كما لو أحدث الناس آنية يحتاجون إليها، أو سلاحاً يحتاجون إليه لمقاتلة العدو، وقد ذكر هذا صاحب الإحياء (٢) ، وغيره - وليس الأمر كذلك، بل ذمهم للكلام لفساد معناه أعظم من ذمهم لحدوث ألفاظه،


(١) انظر: درء التعارض (٧/١٨٢-١٨٣) .
(٢) انظر إحياء علوم الدين (١/٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>