للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به السلف مثل هذا الكلام وأهله.." (١) .

ومن الأمثلة الواضحة التي ذكرها شيخ الإسلام - دليلاً على جهل هؤلاء بمذهب السلف مسألة " القرآن " والخلاف فيها، وقد قدم لذلك بقوله: بعد ذكره للخلاف بين المعتزلة والأشاعرة، " فأخذ هذا بعض صفة الكلام وهذا بعضها، والمتكلم المعروف من قام به الكلام، ومن يتكلم بمشيئته وقدرته، ولهذا يوجد كثير من المتأخرين المصنفين في المقالات والكلام يذكرون في أصل عظيم من أصول الإسلام الأقوال التي يعرفونها، وأما القول المأثور عن السلف والأئمة الذي يجمع الصحيح من كل فلا يعرفونه، ولا يعرفون قائله، فالشهرستاني صنف الملل والنحل وذكر فيها من مقالات الأمم ما شاء الله، والقول المعروف عن السلف والأئمة لم يعرفه ولم يذكره، والقاضي أبو بكر، وأبو المعالي، والقاضي أبو يعلى، وابن الزاغوني، وأبو الحسين البصري، ومحمد ابن الهيصم، ونحو هؤلاء من أعيان الفضلاء المصنفين، تجد الواحد منهم يذكر في مسألة القرآن أو نحوها عدة أقوال للأمة، ويختار واحداً منها، والقول الثابت عن السلف والأئمة كالإمام أحمد ونحوه من الأئمة لا يذكره الواحد منهم " (٢) .

ثم ذكر شيخ الإسلام أن الجويني في الإرشاد لم يذكر في مسألة كلام الله إلا أربعة أقوال: قول المعتزلة، والكرامية، والكلابية - الذي يرجحه - وقولاً رابعاً نسبه إلى الحشوية وأهل الظاهر، زعم فيه أنهم يقولون إن المسموع من أصوات القراء ونغماتهم عين كلام الله تعالى، وأن القرآن إذا كتب بجسم صار المداد عين كلام الله القديم (٣) ، قال شيخ الإسلام معلقاً على ما ذكره في هذا القول: " ومعلوم أن هذا القول لا يقوله عاقل يتصور ما يقول " (٤) ، فلم يذكر الجويني القول عن أئمة السلف، فلما جاء الشهرستاني - وهو أعلم


(١) الإيمان (ص: ٤١٦) ، ط المكتب الإسلامي.
(٢) درء التعارض (٢/٣٠٧) .
(٣) انظر: كلام الجويني في الإرشاد (ص:١٢٨-١٣٠) ، ونقله شيخ الإسلام في درء التعارض (٢/٣١٠-٣١١) .
(٤) انظر: درء التعارض (٢/٣١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>