للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون ذلك الخيال قائماً بنفسه، ولا ريب أن هذا حقيقة قول هؤلاء الذين يزعمون أنهم ينزهون الرب بنفي الجسم وما يتبع ذلك، ثم إنهم مع هذا النفي، إذا نفوا الجسم وملازيمه وقالوا: لا داخل العالم ولا خارجه، فيعلم أهل العقول أنهم لم يثبتوا شيئاً قائماً بنفسه موجوداً" (١) ،

ويلاحظ في هذا النص لشيخ الإسلام كيف بين أن متأخري الأشعرية نفاة العلو، والصفات الخبرية، يؤول قولهم إلى قول الجهمية نفاة الأسماء والصفات، لأنهم إذا قالوا: إن الله ليس بجسم، ثم قالوا: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، فكأنهم أعدموه وهذا وجه شبههم بالجهمية.

أما في المسألة القدر: فيقول شيخ الإسلام عن الصوفية وموافقتهم للجهمية في القدر والميل إلى الجبر - " وهو قول الأشعري وأتباعه، وكثير من الفقهاء أتباع الأئمة الأربعة، ومن أهل الحديث والصوفية، فإن هؤلاء أقروا بالقدر موافقة للسلف وجمهور الأئمة، وهم مصيبون في ذلك، وخالفوا القدرية من المعتزلة وغيرهم في نفي القدر، ولكن سلكوا في ذلك مسلك الجهم بن صفوان وأتباعه " (٢) ، ولكنهم مع موافقتهم له" نازعوه في بعض ذلك نزاعاً لفظياً أتوا بما لا يعقل" (٣) ، كما أن الأشاعرة وافقوا الجهمية في الحسن والقبح وكونه مأموراً أو محظوراً (٤) ، كما وافقوهم في نفي التعليل (٥) ، وفي مسألة المشيئة والإرادة وهل هي بمعنى المحبة فإن الجهمية قالت: " هو يشاء ذلك فهو يحبه ويرضاه، وأبو الحسن وأكثر أصحابه وافقوا هؤلاء، فذكر أبو المعالي الجويني أن أبا الحسن أول من خالف السلف في هذه المسألة، ولم يفرق بين المشيئة


(١) التسعينية (ص: ٢٥٥-٢٥٦) ..
(٢) مجموع الفتاوي (٨/٣٣٩-٣٤٠) .
(٣) منهاج السنة (١/٣٢٦) ، المحققة، وانظر: مجموع الفتاوي (٨/٢٣٠) .
(٤) انظر: مجموع الفتاوي (٨/٢٣١) .
(٥) انظر: منهاج السنة (١/٩٤-٩٥) ، المحققة.

<<  <  ج: ص:  >  >>