للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمحبة والرضا " (١) .

وأما الإيمان فيقول شيخ الإسلام: " الإيمان مجرد تصديق القلب، وإن لم يتكلم به هذا قول جهم ونصره الأشعري وأصحابه، ولكن قالوا مع ذلك: إن كل من حكم الشارع بكفره حكمنا بكفره، واستدللنا بتكفير الشارع له على خلو قلبه من المعرفة " (٢) ، وفي موضع آخر يوضح مدى تأثر الأشاعرة بالجهمية في الإيمان فيقول: " وأما الأشعري فالمعروف عنه وعن أصحابه أنهم يوافقون جهماً في قوله في الإيمان، وأنه مجرد التصديق القلب أو معرفة القلب، لكن قد يظهرون مع ذلك قول أهل الحديث ويتأولونه ويقولون بالاستثناء على الموافاة، فليسوا موافقين لجهم من كل وجه" (٣) ، ويذكر أن الباقلاني نصر قول جهم في مسألة الإيمان متابعة للأشعري، وكذلك أكثر أصحابه (٤) ، ويذكر في شرح الأصفهانية أن المتأخرين من أصحاب الأشعري وافقوا الجهم في مسألة الإيمان (٥) .

والسؤال الذي يرد هنا هو أنه قد يلحظ أن الأشعرية يوافقون الجهمية في بعض الأصول كالإيمان والقدر وكثير من فروع مسائله فلماذا؟ ويمكن أن يقال في الجواب بأن الأشعري - وقد فرّ من مذهب المعتزلة بعد أن اعتنقه زمناً طويلاً - كان هارباً من المعتزلة ومن كل ما جاؤوا به من عقائد، فصار يعارضهم في جميع عقائدهم، فلما كانوا في الإيمان وعيدية يخلدون في النار مرتكب الكبيرة، فرّ إلى المرجئة ظناً منه أنه قول السلف، وكذلك لما كانوا قدرية ينكرون القدر قال بضد قولهم فمال إلى الجبر. والله أعلم.


(١) مجموع الفتاوي (٨/٤٧٤-٤٧٥) ، وانظر أيضاً (٨/٢٣٠) .
(٢) الفرقان بين الحق والباطل، مجموع الفتاوي (١٣/٤٧) .
(٣) النبوات (ص: ١٩٩) .
(٤) انظر: الإيمان (ص:١١٤) ، -ط المكتب الإسلامي، وانظر أيضاً (ص: ٣٨٥) .
(٥) انظر: شرح الأصفهانية (ص: ١٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>