المعتزلة والفلاسفة مع جمهور العقلاء يشننعون عليهم بمخالفتهم لصريح العقل، ومكابرتهم للضرورياتن وسبب ذلك تسليمهم لهم صحة تلك الأصول، التي ذكر الأشعري أنها مبتدعة في الإسلام" (١) ، فقد أوضح شيخ الإسلام عدة حقائق في هذه المسألة:
- أن الأشعري خالف المعتزلة في مسائلهم الكبار التي خالفوا فيها أهل السنة وأهمها: أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وإثبات الصفات، والرؤية، وغيرها من السمعيات كالشفاعة في أهل الكبائر وعذاب القبر ونعيمه وغيرها.
- أن الأِشعري مع ذلك مسلم لهم بعض الأصول العقلية مثل دليل حدوث الأجسام الذي جاءوا بهن ولكن الأشعري مع قوله بصحة هذا الدليل إلا أنه خالف المعتزلة في أمرين:
أحدهما: بيانه أنه يمكن الاستغناء عن هذا الدليل لإثبات الصانع وحدوث العالم، وأن الرسل لم يدعوا إلى هذا الدليل لغموضه ووعورة مسلكه.
والثاني: أنه لم يلتزم لوازمه وفروعه، مثل إنكار العلو، ونفي كل صفة دلت على التجسيم حسب مصطلحهم، بل خالفهم الأشعري في ذلك فأثبت لله صفة العلو، والاستواء، كما أثبت الصفات الخبرية كالوجه واليد والعين.
- أن متأخري الأشعرية خالفوا إمامهم الأشعري وأصحابه، ووافقوا المعتزلة وذلك من خلال أمرين:
أحدهما: حصرهم دليل إثبات الصانع وحدوث العالم بدليل حدوث الأجسام الذي جاءت به المعتزلة، وقولهم بأن بطلانه يؤدي إلى بطلان دليل حدوث العالم، فيؤدي هذا إلى القول بقدم العالم وهو قول الفلاسفة والدهرية وهو كفر صراح.
الثاني: وهو مرتب على الأول، أن هؤلاء المتأخرين أعطوا أصول المعتزلة التي سلموها لهم حقها من اللوازم، فنفوا العلو والصفات الخبرية، وفسروا الرؤية بما يتوافق مع نفي العلو، وكذلك القرآن قالوا فيه قولاً لا يناقض قول المعتزلة