للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد.. بينا أن دلالة الكتاب والسنة التي يسمونها السمع ليست مجرد الخبر، كما تظنونه أنتم وهم، حتى جعلتم ما دل عليه السمع إنما هو بطريق الخبر الموقوف على تصديق المخبر، ثم جعلتم تصديق المخبر - وهو الرسول - موقوفاً على هذه الأصول التي سميتموها أنتم وهم عقليات وجعلوا منها نفي (١) الصفات والتكذيب بالقدر، ووافقتموهم على أن منها نفي كثير من الصفات " (٢) . ولاشك أن متأخري الأشاعرة هم على هذه الصفة التي ذكرها، ولذلك فكثيراً ما يقررها شيخ الإسلام في مناسبات مختلفة (٣) ، ويربط التأثر أحياناً بأعلام الأشاعرة كالجويني (٤) ، وابن تومرت (٥) ، والرازي (٦) ، وغيرهم.

وتأثر الأشاعرة بالمعتزلة شهد به أساطين الأشاعرة، حتى قال تاج الدين السبكي في كتابه الذي جرده للدفاع عن الأشاعرة: في ترجمة أبي بكر الصيرفي المتوفى سنة ٣٣٠هـ، بعد ذكره لمناظرة بينه وبين الأشعري: قال السبكي: " قلت: وفي المناظرة دلالة على ما قاله القاضي أبو بكر في كتاب التقريب، والأستاذ أبو إسحاق في التعليقة، من أن الطوائف من الفقهاء ذهبت إلى مذهب المعتزلة في بعض المسائل، غافلين عن تشعبها عن أصولهم الفاسدة" (٧) ، وقال في ترجمة محمد بن علي بن إسماعيل الشاش - القفال الكبير - ت ٣٦٥-:" وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: " بلغني أنه كان مائلاً عن الاعتدال، قائلاً بالاعتزال في أول مرة ثم رجع إلى مذهب الأشعري" (٨) ، قلت:


(١) في المطبوعة: نفس، وهو تحريف أو خطأ مطبعي.
(٢) التسعينية (ص: ٢٧٢-٢٧٣) .
(٣) انظر: التسعينية (ص: ٢٠٧) ، ودرء التعارض (٩/١٣٥) ، والحموية - مجموع الفتاوي (٥/٢٣) .
(٤) انظر: نقض التأسيس مطبوع (١/٨٦) حيث قال عنه: " وإنما هو كثير الاستغراق في كلام المعتزلة" وانظر أيضاً: السبعينية (ص: ١٠٧) .
(٥) انظر: شرح الأصفهانية (ص: ٢٣) .
(٦) انظر: نقض التأسيس المخطوط (٣/٤٠٩) .
(٧) طبقات السبكي (٣/١٨٧) .
(٨) نص كلام ابن عساكر في التبيين (ص: ١٨٣) ، وبلغني أنه كان في أول مرة مائلاً عن الاعتدال، قائلاً بمذاهب أهل الاعتزال، والله أعلم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>