للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه فائدة جليلة انفرجت بها كربة، وحسيكة (١) في الصدر جسيمة، وذلك في مذاهب تحكي عن هذا الإمام في الأصول لا تصح إلا على قواعد المعتزلة، وطالما وقع البحث في ذلك حتى توهم أنه معتزلي " (٢) ، والسبكي يقول في تردد:" ولا يخفي أن الأشاعرة إنما هم نفس أهل السنة أو هم أقرب الناس إلى أهل السنة" (٣) .

٣- الفلاسفة:

وقد تأثر بهم كثيراً متأخرو الأشاعرة، لكثرة مطالعتهم لكتبهم، وأبرزهم الغزالي والرازي والآمدي، فإنهم وإن ردوا عليهم وأبطلوا كثيراً من الباطل الموجود عندهم إلا أنهم تأثروا بأقوالهم كثيراً، ولذلك يقول شيخ الإسلام عن الغزالي - بعد أن ذكر أقوال الفلاسفة في النبوات كالفارابي وابن سينا ونحوهما- قال: " وقد ذكر الغزالي ذلك عنهم، تعريفاً بمذهبهم، وربما حذر عنه، ووقع في كلامه طائفة من هذا في الكتب المضنون بها على غير أهلها، وفي غير ذلك، حتى في كتاب الإحياء يقول: الملك، والملكوت، والجبروت، ومقصوده،' الجسم، والنفس، والعقل الذي أثبته الفلاسفة، ويذكر اللوح المحفوظ ومراده به النفس الفلكية، إلى غير ذلك، وهو في التهافت يكفرهم، وفي المضمون به يذكر ما هو حقيقة مذهبهم، حتى يذكر في النبوات عين ما قالوه، وكذلك في الإلهيات" (٤) ، ويذكر شيخ الإسلام في معرض رده على الرازي وابن سينا اللذين استدلا على حدوث الأجسام بالأفوال في قول إبراهيم عليه السلام: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} (الأنعام:٧٦) ، قال: " وقد ابتدعت القرامطة الباطنية تفسيراً آخر كما ذكره أبو حامد في بعض مصنفاته كمشكاة الأنوار


(١) الحسك: نبات له ثمرة خشنة تعلق بصوف الغنم، وكل ثمرة تشبها كالسعدان فهو حسك، واحدته حسكة، انظر: لسان العرب مادة " حسك ".
(٢) طبقات السبكي (٣/٢٠١) .
(٣) المصدر السابق (٦/١٤٤) .
(٤) النبوات (ص: ٢٤٩) ، وانظر: درء التعارض (١٠/١٨٩-٢٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>