للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن نبين فساد ما ادعوه معارضاً للرسول - صلى الله عليه وسلم - من عقلياتهم.

الثاني: أن نبين أن ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - معلوم بالضرورة من دينه، أو معلوم بالأدلة اليقينية، وحينئذٍ فلا يمكن مع تصديق الرسول أن نخالف ذلك، وهذا ينتفع به كل من آمن بالرسول.

الثالث: أن نبين أن المعقول الصريح يوافق ما جاءت به الرسل لا يناقضه، إما بأن ذلك معلوم بالضرورة العقل، وإما بأنه معلوم بنظرة، وهذا أقطع لحجة المنازع مطلقاً، سواء كان في ريب من الإيمان بالرسول، وبأنه أخبر بذلك، أو لم يكن كذلك، فإن هؤلاء المعارضين منهم خلق كثير في قلوبهم ريب في نفس الإيمان بالرسالة، وفيهم من في قلبه ريب في كون الرسول أخبر بهذا. وهؤلاء الذين تكلمنا على قانونهم، الذي قدموا فيه عقلياتهم على كلام الله ورسوله، عادتهم يذكرون ذلك في مسائل العلو لله ونحوها" (١) .

ويلاحظ أنه هنا زاد وجهاً وهو بيانه أن المعقول الصريح يوافق ما جاءت به الرسل، وهذا مثل إثبات العلو لله حيث دل عليه أيضاً العقل والفطرة.

ولما تحدث شيخ الإسلام - عن هذه المسألة - مسألة ما يدعي من تعارض العقل والنقل، في غير كتابه درء تعارض العقل والنقل، أشار إلى المنهج الصحيح في ذلك (٢) ، ومن ذلك قوله تعليقاً على انحراف المنحرفين: أهل التخييل والتجهيل، والتأويل، قال: " إن الذي دعاهم إلى ذلك ظنهم أن المعقول يناقض ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو ظاهر ما أخبر به الرسول، وقد بسط الكلام على رد هذا في مواضع، وبين أن العقل لا يناقض السمع، وأن ما ناقضه فهو فاسد، وبين بعد هذا أن العقل موافق لما جاء به الرسول، شاهد له، ومصدق له، لا يقال: إنه غير معارض فقط، بل هو موافق مصدق، فأولئك كانوا يقولون: هو مكذب مناقض:


(١) انظر: درء التعارض (٦/٤-٥) .
(٢) انظر مثلاً: نقض التأسيس - المطبوع - (١/٢٤٧-٢٤٨) ، والمخطوط (٢/٣٣٠-٣٣١) ، ومجموع الفتاوي (٦/٢٤٥-٢٤٦) ، وأيضاً (١٦/٦٤٣) وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>