للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنتيجة أن " ما يتوقف عليه العلم بصدق الرسول من العلم العقلي سهل يسير ... وحينئذٍ فإذا كان المعارض للسمع من المعقولات مالا يتوقف العلم بصحة السمع عليه لم يكن القدح فيه قدحاً في جميعها، كما أنه ليس القدح في بعض السمعيات قدحاً في جميعها، ولا يلزم من صحة بعض العقليات صحة جميعها كما لا يلزم من صحة بعض السمعيات صحة جميعها، وحينئذٍ فلا يلزم من صحة المعقولات التي تبني عليها معرفتنا بالسمع صحة غيرها من المعقولات، ولا من فساد هذه فساد تلك، فضلاً عن صحة العقليات المناقضة للسمع" (١) .

والخطأ الذي وقع فيه هؤلاء أنهم جعلوا المعقولات نوعاً واحداً، وأنهم جعلوا المعقول الذي قد يحتاج إليه في إثبات صدق الرسول، دليلاً على تقديم جميع المعقولات وهذا باطل.

ثم يورد شيخ الإسلام اعتراضاً لهم، ويجيب عليه من عدة أوجه، سنذكر تفصيل كثير منها فيما بعد. إن شاء الله (٢) .

جـ - ومن الوجوه التي يناقش فيها شيخ الإسلام قانونهم الفاسد الوجه الخامس عشر، وخلاصته أن الدليل الشرعي لا يقابل بكونه عقلياً، وإنما يقابل بكونه بدعياً، لأن البدعة تقابل الشرعة، ويوضح هنا شيخ الإسلام أن الدليل الشرعي ليس هو خبر الصادق فقط، بل - مع هذا - هناك أدلة شرعية قد تكون سمعية وقد تكون عقلية، كأدلة توحيد الله والمعاد التي ذكرها الله في كتابه فهي أدلة شرعية، وهي أيضاً عقلية يعلم صحتها بالعقل، وخطأ هؤلاء في قانونهم ظنهم أن أدلة أصول الدين نوعان: سمعيات: وعقليات، ومن ثم توهموا التعارض بينها ظناً منهم أن السمعيات فقط هي الخبر المجرد (٣) .


(١) انظر: درء التعارض (١/٩٠) .
(٢) انظر: المصدر السابق (١/٩١-١٠٠) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (١/١٩٨-٢٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>