للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعيفة (١) ، يقول شيخ الإسلام - بعد أن عرضها - " قلت: المقصود هنا أن يعرف نهاية ما ذكره هؤلاء في جواب الدهرية عن المعضلة الزباء، والداهية الدهياء، ولا يخفى على العاقل الفاضل ما في هذه الأجوبة " (٢) ، ثم ذكر أنه يمكن الرد على هؤلاء الفلاسفة من وجوه كثيرة، وأن كل طائفة من طوائف المسلمين تتمكن من قطعهم بجواب مركب من قولهم وقول طائفة أخرى من المسلمين، وذكر مثالاً للأجوبة التي يجاب بها هؤلاء الفلاسفة وينقض بها باطلهم (٣) ، وبين في أثناء ذلك أن " كل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفي بموجب العلم والإيمان، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس، ولا أفاد كلامه اليقين " (٤) ، ويقصد شيخ الإسلام أجوبة المتكلمين الضعيفة.

٤- بين شيخ الإسلام بشكل قاطع أن الرد على الفلاسفة إنما يتم على قول أهل السنة والجواعة الذين يثبتون لله الصفات ويثبتون له الأفعال، وأنه تبارك وتعالى متصف بالصفات الاختيارية التي نفاها الأشاعرة ومن قبلهم من المعتزلة وغيرهم، يقول شيخ الإسلام بعد ردوده ومناقشاته على الفلاسفة وإبطال حججهم: " وإذا تدبر العاقل الفاضل تبين له أن إثبات الصانع وإحداثه للمحدثات لا يمكن إلا بإثبات صفاته وأفعاله، ولا تنقطع الدهرية من الفلاسفة وغيرهم قطعاً تاماً عقلاً لا حيلة لهم فيه، إلا على طريقة السلف أهل الإثبات للأسماء والأفعال والصفات، وأما من نفى الأفعال أونفى الصفات فإن الفلاسفة الدهرية تأخذ بخناقه، ويبقى حائراً شاكاً، مرتاباً مذبذباً بين أهل الملل المؤمنين بالله ورسوله وبين هؤلاء الملاحدة كما قال تعالى في المنافقين: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ} (النساء:١٤٣) (٥) .


(١) انظرها في درء التعارض (١/٣٢٠-٣٥٠) .
(٢) انظر: درء التعارض (١/٣٥٠) .
(٣) انظر: المصدر السابق (١/٣٥١) وما بعدها.
(٤) انظر: المصدر نفسه (١/٣٥٧) .
(٥) انظر: المصدر نفسه (١/٣٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>