ثم منهم من يقول: إنها لا تعارض النصوص، بل يمكن الجمع بينهما، وهذه طريقة الأشعري وأئمة أصحابه: يثبتون الصفات الخبرية التي جاء بها القرآن، مع اعتقادهم صحة طريق الاستدلال بحدوث الأعراض وتركيب الأجسام، وهذه طريقة أبي حاتم البستي، وأبي سليمان الخطابي، والتميميين، كأبي حسن التميمي وغيره من أهل بيته، وأبي علي بن أبي موسى، والقاضي أبي يعلى، وأبي بكر البيهقي وابن فورك وابن الزاغوني، وخلق كثير من طوائف المسلمين من الحنيفة والمالكية والشافعية والحنبلية.
ومن هؤلاء: من يدعي التعارض بينهما كالرازي وأمثاله، كما يقول ذلك من يوجب الاستدلال بطريقة حدوث الأعراض كالمعتزلة وأبي المعالي وأتباعه.
فهؤلاء مشتركون في أن هذه الطريقة المعقولة لهم مناقضة لما يفهم من الآيات والأحاديث، سواء قالوا: إن تصديق الرسول موقوف عليها كما يقوله من يقوله من المعتزلة وأتباع صاحب الإرشاد، أو لم يقولوا ذلك كما يقوله من يوافق الأشعري والرازي، وجمهور المسلمين على أن تصديق الرسول ليس موقوفاً عليها " (١) .
والخلاصة أن الأشاعرة طائفتان:
طائفة: ترى صحة دليل الأعراض، لكنها لا تعارض به النصوص، ولذلك أثبتوا الصفات الخبرية، والعلو.
وطائفة: ترى وجوب دليل الأعراض، أو صحته فقط، وسواء قال هؤلاء إن تصديق الرسول متوقف عليه أو غير متوقف فإنهم جميعاً يرون أنه يعارض النصوص ولذلك نفوا لأجله الصفات الخبرية والعلو.
أما الصفات الاختيارية لكل من قال بصحة دليل الأعراض -ولو لم يوجبه -التزم نفيها.