للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يقال إنها طريقة أخرى، وقد تدخل في الأولى..

" ثم الطريقة الأولى مبنية على امتناع وجود مالا يتناهى من الحوادث، والثانية: مبنية على أن ما اجتمعت فيه معانٍ لزم أن يكون ممكناً أو حادثاً، والثالثة: مبنية على أن المختص لابد له من مخصص منفصل عنه.

وهذه المقدمات الثلاث قد نازع فيها جمهور العقلاء، وكل من هذه الطرق تسلكه الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات والأفعال، ويسلكه أيضاً نفاة الأفعال القائمة به دون الصفات " (١) وهم الأشعرية.

وكما في الوجهين السابقين أطال شيخ الإسلام في تقرير هذا الوجه، ودعم أقواله بالاستشهاد بأقوال أهل الكلام والفلسفة التي تبين أن ما زعمه هؤلاء من أن العلم بالصانع وإثبات حدوث العالم لا يمكن إلا بهذه الطرق العقلية التي ذكروها غير صحيح، ويعتبر هذا الوجه -على طوله - من أهم الأوجه التي أوردها في هذا الكتاب وأكثرها إفادة لمن خاض في علم الكلام أو حسن الظن به، أو قلد شيوخه فيه.

وإذا ثبت أن هذه العقليات ليست مما يتوقف صحة السمع عليها، وأن العلم بوجود الله ووحدانيته وحدوث ما سواه يمكن أن يعلم بطرق أخرى كثيرة - تبين فساد القانون العقلي الذي ردوا به نصوص الشرع.

ويمكن تلخيص ما ذكره شيخ الإسلام في تقرير هذا الوجه كما يلي:

أ - أن السلف أجمعوا على ذم علم الكلام، وعلم الكلام الذي ذموه ليس المصطلحات الحادثة - كما ظن بعض أهل الكلام - بل ذموا علم الكلام القائم على هذه الطرق المبتدعة كطريقة حدوث الأجسام وغيرها -وقد سبق شرح ذلك ضمن هذا الفصل - والذين نقلوا ذم السلف لعلم الكلام هم أئمة الأشاعرة، كالغزالي (٢) وأبي الحسن الأشعري الذي ذكر في رسائله إلى أهل الثغر


(١) انظر: درء التعارض (٧/١٤١-١٤٢) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٧/١٤٤) ، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>