للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأئمة الأربعة وغيرهم، قد طعن فيها جمهور العقلاء، فكما طعن فيها السلف والأئمة وأتباعهم، وذموا أهل الكلام بها، كذلك طعن فيها حذاق الفلاسفة وبينوا أن الطرق التي دل عليها القرآن العزيز أصح منها، وإن كان أولئك المعتزلة والأشعرية أقرب إلى الإسلام من هؤلاء الفلاسفة من وجه آخر " (١) ، وقد نقل ش شيخ الإسلام كلام أبي الوليد بن رشد وعلق عليه (٢) ، وقال بعد إتمام النقول الطويلة عنه ونقده لطرق الأشاعرة العقلية: " قلت: فهذا الرجل مع أنه من أعيان الفلاسفة المعظمين المعتنين بطريقة الفلاسفة المشائين كأرسطو وأتباعه، يبين أن الأدلة العقلية الدالة على إثبات الصانع مستغنية عما أحدثه المعتزلة، ومن وافقهم من الأشعرية وغيرهم، من طريقة الأعراض ونحوها، وأن الطرق الشرعية التي جاء بها القرآن هي طرق برهانية تفيد العلمن للعامة والخاصة، والخاصة عنده يدخل فيهم الفلاسفة، والطرق التي لأولئك هي مع طولها وصعوبتها لا تفيد العلم لا للعامة ولا للخاصة، هذا مع أنه لم يقدر القرآن قدره، ولم يستوعب الطرق التي في القرآن، فإن القرآن قد اشتمل على بيان المطالب الإلهية بأنواع من الطرق وأكمل الطرق.." ثم قال شيخ الإسلام: " ولنا مقصودان:

أحدهما: أن ما به يعلم ثبوت الصانع وصدق رسوله، لا يتوقف على هذه الطرق المعتزلية الجهمية، وهذه الطرق هي التي يقال: إنها عارضت الأدلة الشرعية، ويقال: إن القدح فيها قدح في أصل الشرع، فإذا تبين أنها ليست أصلاً للعلم بالشرع كما أنها ليست أصلاً لثبوته في نفسه بالاتفاق، بطل قول من يزعم أن القدح في هذه العقليات قدح في أصل الشرع، وهو المطلوب.

والمقصود الثاني: أن هذه العقليات المعارضات للشرع باطلة في نفسها، وإن لم نقل: إنها أصل للعلم به " (٣) .

والخلاصة: أن هذه الطرق العقلية ذمها السلف، وعلماء الأشاعرة والفلاسفة فكيف يعارض بها السمع؟


(١) انظر: درء التعارض (٧/٢٤٢) .
(٢) انظر: المصدر السابق (٧/٣٤٥-٣٥٢، ٩/٦٨-٣٣٣) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (٩/٣٣٣-٣٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>