للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كله يدل على أن كلام العلماء قائم على بيان تنوع الطرق المؤدية إلى المعارف، يقول شيخ الإسلام، معلقاً: " فطرق المعارف متنوعة في نفسها، والمعرفة بالله أعظم المعارف، وطرقها أوسع وأعظم من غيرها، فمن حصرها في طريق معين بغير دليل يوجب نفياً عاماً لما سوى تلك الطريق لم يقبل منه، فإن النافي عليه الدليل، كما أن المثبت عليه الدليل " (١) .

د - أن كثيراً ممن يوجب هذه الطريقة ويصححها - أي طريقة حدوث الأجسام - قد رجع عن ذلك، وتبين لهم ذم هذا الكلام، وذلك مثل الجويني والغزالي والرازي وغيرهم (٢) ، وقد استشهد شيخ الإسلام بكلام الجويني (٣) ، وبكلام الأشعري في اللمع حيث عول على دليل حدوث صفات الأجسام (٤) ، وبين شيخ الإسلام أن دليله - وإن لم يكن هو دليل القرآن القائم على إثبات حدوث الأجسام نفسها وإيجادها من عدم - إلا أنها أحسن وأكمل من دليل الأعراض الذي يوجبه كثير من هؤلاء، ثم نقل كلام الباقلاني في شرح اللمع ورد عليه تحوير كلام الأشعري بأنه يقصد دليل الأعراض، وقد أطال شيخ الإسلام النقول عن الباقلاني وعلق عليها كثيراً (٥) ، وأشار إلى ذلك مبيناً أن طريقة الأشعري خير من طريقة الباقلاني، وطريقة الباقلاني خير من طريقة المعتزلة (٦) .

هـ - ركز على بيان دليل الفطرة، والأحاديث الواردة فيها، ثم نقل أقوال


(١) انظر: درء التعارض (٨/٤٦) .
(٢) انظر: درء التعارض (٨/٤٧-٣٤٨) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (٨/٤٧-٥١)
(٤) انظر: المصدر نفسه (٨/٧٠-٧٣) ، وانظر تعليقات شيخ الإسلام في (٨/١٠٠،٣٣٥-٣٣٦) .
(٥) انظر كلام الباقلاني في درء التعارض (٨/٨١،١٠٣-١٠٦) ، وقد رد عليه شيخ الإسلام من وجهين: أحدهما: (٨/١٠٦) ، والثاني (٨/٣١٠) ، وذكر بينهما كلاماً طويلاً تضمن مناقشات بين الفلاسفة والمتكلمين حول ترجيح الممكن بلا مرجح، وبين تناقضهم جميعاً.
(٦) انظر: درء التعارض (٨/٣٠٣-٣٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>