للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تناقضهم في هذا الباب قولهم عن المعجزات: إن الله لا يمكن أن يخلقها على يد كاذب، ثم يقولون: إن الله لا ينزه عن فعل أي ممكن، وأنه لا يقبح منه فعل، وحينئذ فيقال لهم قولكم متناقض لأنه إذا جاز أن يفعل الله القبيح جاز أن يخلق المعجزة على يد كذاب، يقول شيخ الإسلام معلقاً على قولهم إن الله لا يمكن أن يخلق المعجزة على يد كاذب: "لكن المطالب يقول: كيف يستقيم على أصلكم أن يكون ذلك دليل الصدق، وهو أمر حادث مقدور، وكل مقدور يصح عندكم أن يفعله الله، ولو كان فيه من الفساد ما كان، فإنه عندكم لا ينزه عن فعل ممكن، ولا يقبح منه فعل، فحينئذ إذا خلق على يد الكاذب مثل هذه الخوارق لم يكن ممتنعاً على أصلكم، وهي لا تدل على الصدق البتة على أصلكم ... فأنتم بين أمرين: إن قلتم لا يمكنه خلقها على يد الكاذب وكان ظهورها ممتنعاً فقد قلتم: إنه لا يقدر على إحداث حادث قد فعله مثله، وهذا تصريح بعجزه ... وإن قلتم: يقدر، لكنه لا يفعل، فهذا حق وهو ينقض أصلكم" (١) . ومعلوم أن من أكثر ما تخبط فيه الأشاعرة مسألة المعجزات.

٤- ومن الأمثلة على تناقضهم قولهم: إن أول الواجبات هو المعرفة أو النظر ثم يقولون لا واجب إلا بالشرع خلافاً للمعتزلة، وهذا تناقض بين (٢) .

والأمثلة على تناقض الأشاعرة كثيرة، وماسبق كاف لإثبات ذلك، وهناك جوانب أخرى من تناقضهم ذكرها شيخ الإسلام (٣) .

٥- ويذكر شيخ الإسلام - إضافة إلى ما سبق - تناقض بعض أعلامهم:

آ- ومن ذلك تناقض الشهرستاني والرازي والآمدي الذين أثبتوا جواهر معقولة غير متحيزة موافقة للفلاسفة الدهرية: وقالوا: إنه لا دليل على نفيها: يقول شيخ الإسلام مخاطباً هؤلاء حول العلو ونفيهم له لالتزامه على زعمهم التحيز:


(١) انظر: المصدر السابق (ص: ١٥٤-١٥٥) .
(٢) انظر: درء التعارض (٨/١٢-١٦) .
(٣) انظر مثلاً: نقض التأسيس المخطوط (٣/١٦٧) ، ودرء التعارض) ١/٣٥٧، ٢/٣٩٠، ٣/٢٠٦-٢٠٧، ٢٥٤-٢٥٦، ٥/٢٣٨، ٣٤٣-٣٤٥) ومجموع الفتاوى (٥/٢٠٩-٢٨٩) ، والتسعينية (ص: ١٦٨-١٦٩، ٢٢١) وشرح الأصفهانية (ص: ١٥٣،٣٥٥) -ت العودة، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>