للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو كثيراً ما يصرح بالحيرة (١) ، وقد انتقل هذا إلى كبار تلاميذه حتى إن أبرزهم - وهو الخسروشاهي - دخل عليه ابن بادة فقال له: يا فلان ما تعتقد؟ - قال ابن بادة - قلت: أعتقد ما يعتقده المسلمون. قال: وأنت جازم بذلك وصدرك منشرح له، قلت: نعم. قال فبكى بكاء عظيماً، أظنه قال: لكني والله ما أدري ما أعتقد، لكني والله ما أدري ما أعتقد، لكني والله ما أدري ما أعتقد" (٢) . وهكذا تكون حيرة الأستاذ والتلاميذ.

أما الآمدي فكثيراً ما يصرح في المسائل العظام عند عرض الأدلة والمناقشات بمثل قوله: هذا إشكال مشكل، ولعل عند غيري حله (٣) ، وذكر شيخ الإسلام عن الثقة أنه حدثه عنه أنه قال: "أمعنت النظر في الكلام وما استفدت منه شيئاً إلا ما عليه العوام، أو كلاماً هذا معناه" (٤) .

٥- ورجوع الأشاعرة وكلامه في ذلك كثير ومشهور، وعلى رأسهم الجويني (٥) ، والشهرستاني (٦) ، والرازي (٧) ، وغيرهم.

وقد وفق شيخ الإسلام في التركيز على هذه المسألة، لأنه وإن كانت كتب هؤلاء موجودة، ويعتمد عليها كثير من أتباعهم، إلا أن بيان هذه القضية وإيضاحها للناس يفيد الموافق والمخالف، أما الموافق فتزيده ثقة فيما عنده من الحق المعتمد على الكتاب والسنة، وأما المخالف فلابد أن تزرع في نفسه شيئاً من عدم الثقة فيما يقول هؤلاء في كتبهم الكثيرة التي أعلنوا رجوعهم عنها ورضاهم بطريقة القرآن.


(١) انظر مثلاً: درء التعارض (٣/١٢،٨٨، ٩/١٨٨-١٩٠) ، التسعينية (٢٢٤-٢٢٥) وشرح الأصفهانية (ص: ١٦٢-١٦٤) - ت العودة وغيرها.
(٢) التسعينية (ص: ٢٠١-٢٠٢) .
(٣) انظر مثلاً: درء التعارض (١/١٦٢، ١٦٤، ٣/٩٣، ٩٥، ٢٨٢، ٤/١١٩، ٢٣٢ - ٢٣٣) وغيرها.
(٤) انظر: درء التعارض (٣/٢٦٢) .
(٥) انظر: درء التعارض (١/١٥٨، ٤/١٧٣، ٨/٤٧) ، والتسعينية (ص: ٢٥١-٢٥٢) ، والفتوى الحموية - مجموع الفتاوى (٥/١١) .
(٦) انظر: مجموع الفتاوى (٤/٧٣) .
(٧) انظر: درء التعارض (١/١٥٩-١٦٠) ، والحموية - مجموع الفتاوى (٥/١٠-١١) ، ومجموع الفتاوى (٤/٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>