للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى تكافؤ الأدلة، فيبقى في الحيرة والوقف أو إلى التناقض وهو أن يقول هنا قولاً، ويقول هنا قولاً يناقضه كما تجده من حال كثير من هؤلاء المتكلمين والمتفلسفة، بل تجد أحدهم يجمع بين النقيضين أو بين رفع النقيضين، والنقيضان اللذان هما الإثبات والنفي لا يجتمعان ولا يرتفعان، بل هذا يفيد صاحبه الشك والوقف فيتردد بين الاعتقادين المتناقضين الإثبات والنفي، كما يتردد بين الإرادتين المتناقضين وهذا هو حال حذاق هؤلاء كأبي المعالي وأبي حامد والشهرستاني والرازي والآمدي" (١) .

٣- والأشاعرة توقفوا حتى في أهم المسائل كمسألة الصفات، يقول شيخ الإسلام: "ومثل هذا النظر - وهو تعارض الأدلة التي يظن صاحبها أنها أدلة عقلية - يوجب الحيرة والشك والتوقف، ولهذا صرح طائفة من هؤلاء بالتوقف والحيرة في مسائل الصفات، وهذا شأن الرازي والآمدي وغيرهما في مسائل لهم، وهو منتهى نظر أهل النظر والكلام المذموم في الشرع، فإنه ينتهي بهم الأمر إلى الحيرة والشك كما قال ابن عقيل وغيره من العلماء: آخر المتكلمين الخارجين عن الشرع هو الشك، وآخر الصوفية الخارجين عن الشرع هو الشطح. وهو كما قالوا: فإن من تدبر كلام كثير منهم الثابت عنهم وجد منتهى أمرهم إلى الشك والتوقف، كما يوجد في كلام الرازي وغيره؛ فإنه واقف في مسألة الجوهر الفرد، ومسألة الصفات والأفعال وغير ذلك، كما هو أخبر به عن نفسه وكما يوجد في كتبه، وكذلك أبو حامد الغزالي واقف في كثير من المسائل، وكذلك أبو المعالي حصل له التوقف قبل أن يموت في الصفات الخبرية كالاستواء وفي قيام الأمور الاختيارية به" (٢) .

٤- ومن أعظم الأشاعرة حيرة واضطراباً الرازي والآمدي، فالرازي كثيراً ما "يعترف بالحيرة في المواضع العظيمة: مسائل الصفات وحدوث العالم، ونحو ذلك" (٣) ، وقد صرح في آخر كتبه وهو المطالب العالية بتكافؤ الأدلة (٤) ،


(١) الصفدية (١/٢٩٤) .
(٢) شرح الأصفهانية (ص: ٧١-٨٢) - ت العودة، وكل نص من هذا الكتاب أحلت فيه على هذا التحقيق - الذي لا يزال مطبوعاً على الآلة الكاتبة - فهو من الزيادات التي ليست في المطبوعة.
(٣) درء التعارض (٤/٢٩٠) .
(٤) انظر: التسعينية (ص: ٢٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>